بقلم / خالد باشريف
أن يعيش الإنسان انسانيته الفطرية أئمن له من أن يعيش متنكراً بزيف زي المسميات العصرية التي عملت لدهور على عزل الفطرة عن ماهيتها وعطلت عملها بإحداثيات ادخلها بني البشر على نظام عيشهم ومسيرة حياتهم تزيد من كشف هوياتهم وتسرع من تباعدهم حول محور التركيبة البشرية وصفائها الروحي وإدراكها لتفسير الأوامر والنواهي وفق لائحة الفطرة المودعة في كينونة النفس البشرية , لذا عجز المنطق عن ربط المادة بأسبابها ! إنها إحدى تواتج دوامة التيه التي لا يقوى معها عقل ولا قدم للوقوف برهة وإيجاد معنى للأحداث التي تمر سريعاً بمخيلته حتى ما يكاد يركز في تمام الحدث الأول ليفجأه سريعاً نهاية الحدث التالي ! تعجز معه حتى ما نعتقده نهضة علمية وثورة معلوماتية وتقف حائرة أمام أحفور أثري يحكي امتداد حضارات غابرة سبقتنا .
إن ما يجلي الغشاوة عن طبيعة زمننا اليوم لينقلنا إلى ( المنشأ ) حدث خارق لا تفسير له ولا ترجمة له إلاّ أنه لحظة انقلاب هائل ينهي حقبة من التعاسة والتمرد يسلمنا إلى واقع مهيأ فطريا – لا يخشى إلاّ الله – تصالح عجيب غريب بين نظم الروح التي يحملها البشر واصل الجسد الذي تكون منه حتى أنه لا اعتبار لأصل ولا نسل ولا فوارق .. تجمعهم لغة التعايش المشترك لإعادة نموذج أصل الحياة وحقيقتها , اطمئنان وتفاهم تصطبغ به تلك المرحلة يقتضي معه وجود غيره معيب وعيب في حق من أدرك حياة هكذا نظامها !!
فمن الصعب أن ينتقل البشر فجأة من حال إلى حال هذا سمته إلاّ أن يمر بأحداث تتتابع كمؤهلات له منها الشديد واليسير ومنها السريع البطيء ومنها المعقد والسهل ومنها المعقول واللامعقول بميزان العقل من خلالها يصل النوع البشري إلى ما وراء المنطوق ، انحسار نهر بمصابّه وضفافه , إلى ظهور مروج الصحراء !! ماهي إلاّ قنوات لفلترة الأحداث , ولكنكم قوم تستعجلون وتمنعكم عجلتكم من رؤية وإدراك ذلك , أو تعمل على تأجيل بدء ذلك العهد لحين إيجاد البشر المؤهلين أو حين ينتفي عن القوم أوصاف العهد الخالي من شوائب تيه المدنية ومنها الاستعجال الذي اثبت شقاء البشرية !