الإصلاح والمؤتمر.. التحالف للوطن والمصير المشترك

كان "صالح" في كل خطاباته بعد2011م يهاجم الإصلاح بشراسة بالغة معتبرا إياه العدو الأول، لكنه في خطابه الأخير وقبل اغتياله بساعات لم يهاجم الإصلاح أبدا ولم يتطرق لذكره مطلقا، بل تحدث عن العدو الفعلي له وللمؤتمر ولكل اليمنيين، عن الحوثي والشرذمة الإمامية. لقد أدرك "صالح" أنه كان في الاتجاه الخاطئ، وأن عليه أن يجري تصحيحا لسياساته وتعديلا على قائمة أعدائه، ولو في اللحظات الأخيرة من حياته. وحرص على إلقاء خطابه من بين نيران الحوثيين وقذائفهم المنهمرة على منزله، لأنه كان يريد أن يقول وصيته الأخيرة قبل الموت لقيادات وأعضاء المؤتمر. كان خطابه يشير إلى أنه والمؤتمر أخطأوا بتحالفهم مع الحوثي بشكل حال دون رؤية أنهم الهدف التالي للشرذمة الإمامية وإيران، وأن إزاحة الفريق علي محسن والتخلص من الفرقة هو ما فتح الباب أمام الحوثي لوضع الحبل على عنق صالح، وأن استهداف الإصلاح هو ما جعل الطريق سالكا لتصفية المؤتمر والتنكيل به. دعا "صالح" أنصاره في وصيته الأخيرة لأن يثوروا في وجه الإمامة ومليشيات الحوثي، وشدد على خطر الشرذمة الإمامية وخطورتها على كل أبناء اليمن، كما لو أنه يقول إن لم تجهزوا على الإماميين سيقتلونكم واحدا تلو الآخر. وأبدى "صالح" مرارة بالغة ممن خذلوه في آخر لحظاته، أولئك الذين ظلوا يحرضونه على الإصلاح ويقللون من خطر الحوثي على حياته وعلى المؤتمر، ثم في النهاية تركوه وحيدا لمواجهة مصيره وسط نيران الحوثيين الكثيفة. إذ أنه قبل اغتياله بيومين تفاجأ بأن عددا كبيرا ممن يعملون معه وفي مؤسساته الجماهيرية والإعلامية، وممن كانوا يمجدونه بوفرة ويخلعون عليه الأوصاف العظيمة انقلبوا عليه وحولوا صفهم للحوثي وإيران. كان منهم من يقفون إلى جواره ويهتفون بحياته ويدخلون قصره ويرافقونه في حله وسفره، لكنهم بعد اغتياله ذهبوا لأداء صلاة الشكر مع الحوثيين حمدا لله على تصفيته والتخلص منه!! الإمامة عدو الجميع لقد اقتنع صالح واقتنع المؤتمر واقتنع الكل أن الإمامة هي العدو الحقيقي والمشترك للجميع، وأن اليمن كله بات طرفا والحوثي طرف معادي. وعليه فإنه من المهم جدا اليوم أن يبذل الإصلاح والمؤتمر المزيد من الجهود لتقوية الصف الوطني المناهض للانقلاب الإمامي الحوثي، وأن يعملوا على إدارة مراجعة وطنية شاملة مع كل القوى اليمنية تجنب البلد أخطاء الصراعات السابقة التي لم يستفد منها سوى الإماميين ومليشياتهم الحوثية. كما يتعين عليهم أن يشكلوا صوتا واحدا لقضايا اليمن تختفي معه الجدالات والقضايا الجانبية، ليكمل بعضهم بعضا في كل ما يجمعهم فيه من قواسم مشتركة، ويصطفوا تحت قيادة الشرعية ويتحالفوا للوطن وللمصير المشترك وللقضايا التي يدفع الجميع اليوم ثمن عدم منحها الأولوية والاهتمام الأبرز. الإصلاح ليس عدو والمؤتمر كذلك لقد أكدت أحداث 4 سنوات فائتة أن الإصلاح ليس عدوا للمؤتمر، وأن المؤتمر ليس عدوا للإصلاح، وأن كليهما عدو للإمامة والحوثي. وأنه يقع على مسؤوليتهما تفويت الفرصة على الإماميين الذين يعملون بدأب لتغذية الصراع بينهما وتمزيق الصف الوطني، وأن يعلموا أنه ليس أخطر اليوم على الإصلاحيين والمؤتمريين وعموم اليمنيين من مواجهة مشروع الإمامة وهم مشتتين. اختفاء الإصلاح أمنية حوثية يسعى لها ويجتهد لأجل وضع يمني خالٍ من هذا الحزب الذي يمثل عقبة كبرى في وجهه، الأمر الذي يجعل أي استهداف له من أي طرف ليس سوى دعم غير مباشر للحوثي في معركته ضد اليمنيين له. أوهام اجتثاث الإصلاح أوهام اجتثاث الإصلاح رهان خاسر ومدمر، ولا ننسى أن المحاولة الأولى قبيل الانقلاب لم تنجح في إسقاط الإصلاح بل أسقطت صنعاء في يد إيران وحولت الحوثيين إلى تهديد حقيقي لأمن الخليج والمنطقة، وها نحن نعيش فداحة النتائج لتلك الأوهام بكل الخسارات التي ارتدت على اليمن دولة وشعبا. تؤكد التجارب أن "الاجتثاث لا ينجح مع تيارات شعبية كبرى، بل قد ينجح مع جماعة صغيرة ومجموعات عنيفة لا تملك انتشارا شعبيا ولا فكرا ناضجا وسليما، لكنه قلما ينجح مع تيارات كبيرة تعكس واقعاً في المجتمع والاعتقاد بنجاح الاجتثاث مرتبط بقراءة قاصرة للتاريخ كنجاح فرانكو في تصفية خصومه في الحرب الأهلية الإسبانية في ثلاثينات القرن العشرين، لكن من ينظر إلى تلك الحرب ومظالمها وتحول إسبانيا إلى الديموقراطية في ما بعد يتعلم أن معارك الاجتثاث بلا معنى لأنها تؤدي إلى نشر الكراهية والموت والفشل النهائي" وفقا للكاتب شفيق ناظم الذي يقول أيضا "بفضل روح الاجتثاث، يتنشق العرب السموم.. في الاجتثاث لا يوجد منتصر لأن الخسائر أكبر من أن تحصى أو ترى بالعين المجردة". سيظل الإصلاحيون والمؤتمريون وأبناء اليمن وأشقائهم في الخليج يتنشقون سموم إيران وأذرعها في المنطقة ما لم يتوحدوا جميعا لقطع يدها الإجرامية العابثة في اليمن وسوريا ولبنان والعراق.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص