انسحاب الإمارات من اليمن.. الحقيقة والأسباب؟!!

عندما أعلنت الإمارات انسحابها من اليمن لم يكن ذلك الإعلان صدفة أو لأن الأهداف التي أنشئ التحالف العربي من أجلها تحققت وعادت الشرعية وأنهي انقلاب مليشيا الحوثي، كما أنه لم يكن لإحساس الإمارات بالملل من الحرب، وإنما كان ناتجاً عن تفاهمات إيرانية إماراتية، ونتيجة صفقة خاصة تمت مبكرا كان أهم بنودها مغادرة الإمارات شكليا اليمن وترك السعودية وحيدة على المسرح العسكري والسياسي في اليمن.

 

إن عملية انسحاب الامارات من اليمن كما يقول الواقع ويؤكد ذلك الخبراء: تم الترتيب له بعيدا عن الاشقاء في السعودية، وتمت على مستويات عليا، ومن خلالها حُسمت قضايا استراتيجية وخطيرة، الكثير منها يضر باليمن وبالتحالف العربي، ويضر بالأمن القومي السعودي.

 

وما يؤكد صحة ما ذهبنا إليه أن الرئاسة الإيرانية فاخرت بإعلان الامارات عن انسحابها من اليمن واعتبرت ذلك إنجازاً، وأثنت على هذا القرار، وأشادت بخطوات الإمارات، وكثرت الزيارات الرفيعة بين المسؤولين الإماراتيين والإيرانيين، وتفيد المصادر أن عراب التقارب المفاجئ بين “البلدين هو «شقيق ولي عهد أبو ظبي طحنون بن زايد»، مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

 

حقيقة الانسحاب:

 

إن انسحاب الامارات من اليمن ليس كما يظن البعض ضغوط الشرعية، أو بسبب التنسيق مع الاشقاء في المملكة العربية السعودية وإن كان هذا ظاهرها او بعضا من أسبابها, إلا إن السبب الأبرز هو التسوية الخاصة بين ابوظبي وطهران الذي أهم فصولها وقف استهداف مطارات الامارات ومصالحهم الحيوية، حيث كانت تخشى الامارات وبشكل كبير من استهداف أي من مطاراتها أو منشآتها النفطية.

 

إن انسحاب الامارات من اليمن كان أسوأ انسحاب عسكري على مر التاريخ البشري، وذلك لأنه انسحاب كاذب ناتج عن تواجد كاذب وهدف حقير؛ حيث تمثل الانسحاب في ترك قتال الحوثيين الأعداء الذي جاء الإماراتيون لمحاربتهم وكذلك وقف دعم كل ألوية الجيش اليمني التي تقاتل الحوثيين، بل وسحب كل أنواع الدعم اللوجستي ووقف التعاون العسكري والتمويني وغير ذلك.

 

إن حقيقة انسحاب الإمارات أتى بعد أن عززت نفوذها عبر مليشيات خارج الجيش الوطني،  لها علاقة تاريخية ومعلنة بمليشيا الحوثي وأجندتها الإيرانية متمثلة بمليشيا الانتقالي، ونخباً وأحزمة وألوية إسناد مهمتها شق الصف الوطني، ومقاتلة  الحكومة الشرعية وجيشها نيابة عن الحوثيين، ومساندة لهم، بل والخطوط المتقدمة لهم  في مواجهة الشرعية، تحت ذرائع سخيفة ومبررات واهية يسوقها إعلام الإمارات منها مواجهة فساد حكومة الشرعية، ومواجهة الإصلاح، وحق الدفاع عن النفس.

 

علاقة مليشيا الإمارات بمليشيا الحوثي:

 

إن علاقة مليشيات الإمارات بمليشيا الحوثي ليست خفية على احد رغم كل الضجيج والتصريحات بأنها تواجه الحوثيين،  فتصرف مليشيا الانتقالي والأحزمة والنخب اكبر دليل على العلاقة بينهما فالانشقاقات وتبادل الخبرات مستمرة، فالجميع يعرف حقيقة قادتها وعلاقتهم بالضاحية الجنوبية،  وتوفير الجهد للحوثيين في مواجهة الجنوب وحكومة الشرعية،  وخاضوا ولايزالون معارك ضد الشرعية لإشغالها عن مواجهة الحوثيين.

 

إن الإمارات وطبقا لتحقيق جديد أجرته شبكة «سي إن إن» الأمريكية، سلمت أسلحة أمريكية للانفصاليين، ويتم استخدامها لمحاربة القوات الحكومية المعترف بها دولياً.

 

ووجد التحقيق أن سلاحا أمريكيا سلمته الإمارات لمقاتلين لا يخضعون للدولة، بمن فيهم مقاتلون لهم علاقة بالقاعدة ومليشيا سلفية متشددة وجماعة الحوثي المدعومة من إيران.

 

كما بيّن التحقيق أن جزءاً من هذه الأسلحة الأمريكية وصل أيضاً إلى أيدي الحوثيين، ما من شأنه أن يكشف تفاصيل حساسة عن بعض التكنولوجيا العسكرية الأمريكية لطهران، ويحتمل أن يعرض حياة القوات الأمريكية في مناطق الصراع الأخرى للخطر بحسب الشبكة.

 

ولفت التحقيق إلى أن السعودية والإمارات استخدمتا الأسلحة الأمريكية لشراء ولاءات المليشيات أو القبائل اليمنية، للتأثير على المشهد السياسي المعقد، وفق ما نقلت «سي إن إن» عن قادة ميدانيين ومحللين.

 

تركة سيئة:

 

ورغم هذا الإجرام في حق مستقبل اليمنيين إلا أنها فعلا بدأت تسحب كل ما قدمته للجنوب من حمامات متنقلة وعلب والعاب للأطفال وكراسي للمستشفيات والمدارس وقطع غيار للمركبات والمحطات الكهربائية، كل ما يستفيد منه المواطن البسيط سحبته منه، وقد كشفت التقارير والوثائق والفيديوهات كل ذلك إلا أن الانسحاب العسكري لازال مشكوكا فيه، فهناك مصادر عسكرية تشكك في مصداقية انسحاب الإمارات من اليمن والمحافظات التي كانت متواجدة فيها.

 

إلا أن الواقع يقول: إن الامارات ستغادر وسترحل بطريقة او بأخرى، لكنها ستخلف وراءها تركة سيئة؛ مليشيا مسلحة قوامها أكثر من 90 ألف مقاتل «جنوبي»، وهو عدد كبير باهظ الكلفة، ويحمل «في كشوف ميزانيته أثقالا مالية كبيرة», من رواتب وميزانيات عسكرية, لن يستطيع «بن زايد» حتى ولو في القريب العاجل الوفاء بكل ذلك خصوصا بعد ان انهارت أطماعه وأحلامه في اليمن.

 

كما ستخلف قطيعا من الإعلاميين «المرتزقة» الذين باعوا ولاءهم وأقلامهم لخدمة أهداف أبوظبي، فتم تأسيس العشرات من المواقع والصحف والمئات من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لتلميع الامارات والدفاع عن سياساتها؛ كل هذا الطابور من مليشيا مسلحة (90 ألف مرتزق) والآلاف من موظفي المجلس الانتقالي في عموم المحافظات الجنوبية، والمئات من الإعلاميين ومؤسساتهم، وكل مخلفات الإمارات في اليمن مصيرها الموت البطيء والتحلل الجسدي والمؤسساتي خلال أشهر.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص