عن المليونيات أو الألفيات والتوقيت المُضِر

تعوّد الناس في المحافظات الجنوبية على وجه الخصوص على مصطلح ‘المليونية' حتى وإن كان المحتشدون في الساحات لا يتجاوزون الآلآف، وقد تبين على أرض الواقع خواء مثل هذه التعابير خاصة عندما واجهنا فتنة تهاوي الدولة واضمحلالها عقب الواحد والعشرين من سبتمبر 2014 حينما انقض الإنقلابيون أنصار صالح وأنصار الحوثي على السلطة وخلت المدن الرئيسية في الجنوب من الحكومة بمؤسساتها الإدارية والعسكرية وظن الناس أن أصحاب المليونيات سيملأون الفراغ فما رأوا غير القاعدة تنتهز الفرصة وتفرض نفسها بقوة التغلّب واختفت المليونيات واختفى قادتها إلى حين حتى تم تحرير معظم المحافظات الجنوبية بتضحيات الشعب ومساعدة دول التحالف العربي الفاعلة بقيادة المملكة العربية السعودية وحلفائها.

واليوم تتجدد مثل هذه الدعوات لقيام المليونيات أو الألفيات لمباركة ما سمِّيَ بالمجلس الإنتقالي للمحافظات الجنوبية الذي أعلنه اللواء عيدروس الزبيدي ورفاقه فارضين أنفسهم أوصياء على الشعب في الجنوب بل وعلى فصائل من الحراك الجنوبي ذاتها مزوِّرين التاريخ أنهم هم وحدهم الذين حرروا الجنوب من بغي الإنقلابيين متناسين عمدا أدوار من ساهم في هذا الشرف العظيم من القوى السياسية الأخرى والمنظمات الإجتماعية والهيئات والفصائل الإسلامية الذين ضحوا بأرواحهم في معارك الشرف تلك. هي نفس الروح الإقصائية الشمولية التي أدت إلى حرب 1994 التي كانت نتيجة حتمية للإحتقانات التي تراكمت قبلها منذ سبعينات القرن الماضي حتى قيام الوحدة اليمنية المباركة.

وحتى لا نكون إقصائيين في الطرف المقابل وننادي بمنع التحشيد و' المليونيات' فإننا نقر بأن ذلك وسيلة من وسائل التعبير الحر والسلمي،لكننا نقول أيضا إن هذا الوقت ليس مناسبا البتة لقيام مثل هذه الفعالية، فنحن في معركة شرسة ضد الإنقلابيين وعلينا ضم الجهود لاتفريقها لكسب المعركة جنوبا وشمالًا وشرقا وغربا ولسنا بحاجة الآن لإيجاد شرعيات جديدة تلغي شرعية الرئيس هادي حتى وإن تظاهر المنظمون إنهم مع شرعية هادي ،فإن الرئيس هادي نفسه وحكومته ومعهم دول التحالف دعوا إلى إلغاء المجلس الإنتقالي التزاما بالمرجعيات الثلاث: قرار الأمم المتحدة رقم 2216 و المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني ، وما على الداعين لهذا الحشد سوى الإلتزام بما تقره الشرعية إن كانوا حقًّا ملتزمين بها.

ثم إذا ما وضعت الحرب أوزارها واستقرت الأمور كيفما استقرت، حينها يمكن للقوى السياسية أن تدعو لإستفتاء حول تقرير المصير في المحافظات الجنوبية.

إن أمام قوى الحراك الجنوبي التي دعت للتحشيد يوم غد الأحد 21 مايو فرصة كي تراجع موقفها وأن تعترف بكل تواضع أنها جزءٌ من الشعب وليست كل الشعب.

والله من وراء القصد.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص