من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم

الحمد لله الكبير المتعال صاحب القدرة والعظمة والجبروت والجلال يمحص عباده المؤمنين  بالابتلاءات ويمحق الكافرين والمستبدين والطغاة ويجعل النصر نهاية حليف المسلمين والهزيمة والعار والصغار لمن حارب الإسلام والمسلمين والصلاة والسلام على النبي الخاتم : أعظم من صبر وأكرم من ضحى وغفر ، واعز من جاهد في الله وأنكر ، وأفضل من ابتلي فصبر .. صلوات ربي وسلام عليه وعلى آله وصحبه والتابعين الى يوم الحشر والمقر

أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله

أيها الإخوة المؤمنون الأفاضل :

ان العالم العربي والإسلامي يمر اليوم بأحداث جسيمة وتطورت كبيرة وخطيرة في سوريا وفلسطين والعراق واليمن وبورما وآخرها ماحدث ويحدث في مصر الأبية من أحداث تقشعر لها الأبدان والقلوب ولانستطيع أن نتجاهلها فان من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم وقد تمددت هذه الأحداث في أعمال القتل الوحشية ضد المعتصمين العزل ، انها جريمة لم تشهد مصر أبشع منها من قبل ، قتل المئات بالرصاص الحي ن ، وجرح الآلاف واحرق آخرون ، شباب ونساء واطفال ، انها جريمة بشعة بكل المقاييس ارتكبها أناس فقدوا ابسط قواعد الإنسانية ولم يكن لديهم ذرة رحمة أو أخلاق وفي هذا نقول وبالله التوفيق :

أولا: وكما ذكرنا وكررنا دائما وسنظل نكرر ونؤكد على هذا الأمر أن القتل حرام حرام ولايوجد في شريعة الإسلام ولا في غيرها من الشرائع الأخرى ولا القوانين الوضعية ما يبيح قتل الإنسان دون محاكمة عادلة مهما كان هذا الانسان ومهما كانت ديانته مسلم أو غير مسلم إلاّ بالحق ، قال تعالى (ومن قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا) وقال سبحانه في قتل المؤمن (ومن يقتل مؤمنا متعمد فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظميا) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لئن تهدم الكعبة حجرا حجر أهون عند الله من ان يراق دم امرئ مسلم ) و الآيات و الأحاديث  في جريمة القتل والحرق أكثر من ان تحصى فكيف بمن يقتل أناسا مسلمين عزل لاجريمة ارتكبوها إلاّ ان خالفوه سياسيا ، بل لاجريمة لهم إلاّ ان قالوا : نريد حكم الله ان يسود ويعود ، فما بال كثير من الناس اليوم استهانوا بقتل النفس البريئة وهذا من علامات قرب الساعة وكثر رجال السوء ..

ثانيا: ان استخدام القوة والعنف ليست أسلوبا لحل المشكلات ، ولكن الطغاة والمستبدين يظنون أنهم قادرون بقوتهم وجبروتهم على سحق كل من يعارضهم وكل من لايمشي في فلكهم ، وهل يظن أولئك العسكر أن فض الاعتصامات وقتل المعتصمين سوف ينهي الأزمة السياسية كلا و الله ، بل العكس ، فان ذلك ربما يشجع التطرف والعنف المضاد ، وكلها غير محمودة ، وان استخدام القوة والقتل تعود وبالا على مرتكبها ، قال تعالى ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)  أفلا يتعظ هؤلاء ممن سبقوهم ، حيث كان استخدام العنف والقتل وبالا على الجميع ، وماحدث في ليبيا ويحدث اليوم في سوريا ليس عنا ببعيد .. فحذار حذار من استخدام العنف والقوة والقتل ...

ثالثا: ان القضية التي برزت خلال هذه الأزمة السياسية في مصر هي غياب العدل والإنصاف من قبل الكثيرين حكاما وإعلاما بل وحتى أناسا عاديين ، والديمقراطية التي يتشدقون بها ، فاصبح البعض يرى من وصلوا الى السلطة عبر صناديق الاقتراع التي ارتضاها الجميع وشهدوا بنزاهتها ، والذين لم يفضوا اعتصاما كفله الدستور لهم ، ولم يقتلوا معارضا ، ولم يسجنوا مخالف ، ولم يغلقوا قناة ، ولم يسرقوا ثروة ، ولم يخربوا مؤسسة ، هم الارهابيون المغتصبون للسلطة..، وان من يغتصب السلطة ، ولم ينتخبه احد ، ويقتل الناس بالمئات ، ويفتح السجون للابرياء بالالاف ، ويكمم الافواه ، ويغلق القنوات ، وينهب الثروات ، ويعلن حالة الطوارئ في البلاد ، يعتبرونه حامي الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة ـ مالكم كيف تحكمون ـ ما هذا الهراء اهذا هو الانصاف ؟ اهذا هو العدل ؟ اهذه هي الديمقراطية التي يتشدقون بها ؟ ولكن حقا انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ، والله عزوجل يقول(يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم  او الوالدين والاقربين)

رابعا: ان ما حدث في مصر هو مؤامرة محلية وعربية ودولية ضد الإسلام وضد كل من يحمل مشروعا إسلاميا نقيا طاهرا وإلاّ بماذا نفسر إغلاق معبر رفح الذي يعتبر المتنفس الوحيد للشعب الفلسطيني في غزة الا يخدم ذالك العدو الصهيوني وللأسف ان ماحدث في مصر كان بدعم من بعض الأنظمة العربية التي حباها الله بنعمة المال والثروة ولكنها سخرتها واستخدمتها في تدمير العرب والمسلمين والله المستعان على ما يصفون ويتآمرون ويمكرون والله انها جريمة ان تستخدم أموال العرب والمسلمين في قتل إخوانهم المسلمين وتسخر في اشعال الفتن بين المسلمين ... ولكن (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون )  سيتحسرون بإذن الله الواحد الأحد وسيغلبون بإذن الله الفرد الصمد .... قلت ماسمعتم فاستغفر الله لي ولكم ..........................................

الخطبة الثانية ::::

الحمد لله رب العالمين والعقبة للمتقين .. عباد الله .. اتقو الله حق تقواه :

خامسا: ان ما حدث في مصر رغم بشاعة الجريمة ، بقضاء الله وقدره ، وان النصر والهزيمة ليست في اعداد القتلى ، ولكن المنتصر هو من يقف مع الحق وأهله ، والمهزوم هو من يناصر ويؤيد الباطل وأهله، فأهل الحق منصورون في الدنيا والآخرة ، وفي الآخرة وهو أعظم النصر (ولاتهنوا ولاتحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين )

وهكذا أهل الدعوات الصادقة يتعرضون للأذى والتعذيب من زمن نوح عليه السلام ، الى حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكننا واثقون ان نصر الله لأوليائه قادم لا محال ، قال تعالى (ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز )

وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه رسول الله : قدوتنا واسوتنا محمد ابن عبدالله ، صلى الله عليه وسلم  ، وبارك وزد عليه افضل صلاة وسلام وبركة وزيادة ، وعلى آله الاطهار واصحابه الاخيار والتابعين لهم ماتعاقب الليل والنهار .

اللهم اعز الاسلام وانصر المسلمين ، واذل الشرك والمشركين ، وانصر عبادك المجاهدين في سبيلك في كل مكان اجمعين ، اللهم كن لاخواننا المجاهدين والمضطهدين والمستضعفين والمظلومين في سوريا ومصر وبورما وفلسطين وسائر بلاد المسلمين .

اللهم كن لاخواننا المستضعفين في مصر نصرا وتمكينا ، وكن لاخواننا المظلومين في مصر ثباتا ويقينا ، كن لاخواننا المضطهدين في مصر عزا وتأييدا ، اللهم انهم يفتنون في عقيدتهم ، ويقتلون لتمسكهم بشرع ربهم ، وانت وحدك كفيلهم ووكيلهم وعونهم ، اللهم ادركهم بلطفك ورحمتك وعونك ومددك ونصر وتمكينك ، وجميع بلاد المسلمين .

اللهم عليك بالكافرين ، وعليك بالمتآمرين على الاسلام والمسلمين ، احصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبقي منهم احدا ، الا من كتبت له الهدى .

اللهم احفظ بلادنا ، وولي علينا خيارنا ، اللهم تقبل منا الصلاة والصيام والقيام والصدقة وصالح الاعمال .

اللهم عدنا رمضان سنين بعد سنين والامة كلها في عزة ونصر وتمكين ياارحم الراحمين .

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .. وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .

خطبة الجمعة 9 شوال 1434 هـ الموافق 16 أغسطس 2013م

 

بمسجد عمر حيمد بسيئون - القرن   للاستاذ / سالم عبود خندور 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص