تشهد هذه الأيام رواج دعوات الانفصال وفك الارتباط على نحوٍ جنوني ومسعور، وبالتزامن مع الانتصارات التي حققتها لجان المقاومة الشعبية في الجنوب بمعاونة وتآزر كبيرين من دول التحالف العربي على رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الذين دعموا المقاومة لوجستياً وعسكرياً حتى حققت بعد مشيئة الله تعالى النصر على قوى الظلام ممثلة بالمليشيات الحوثية والعفاشية، ولا تزال الانتصارات متواصلة ومستمرة حتى يتم دحرها عن بكرة أبيها.
في خضم فرحة اليمنيين جميعاً بالانتصارات المنجزة ينبري لنا بعض الأصوات النشاز التي تعكر صفو الصف اليمني الموحد لتزعم أن الانفصال بات قريباً، ولتوحي للناس أنها هي من حقق ذات الانتصارات على الأرض، بينما الحقائق تقول أنهم خلال العدوان اختفوا عن الأعين وزالوا عن أرض المعارك بسرعة كذبابة مايو كما يُقال، ولم يكن لهم من صمود لولا تكاتف جميع القوى في المقاومة الشعبية، هذا إذا استثنينا الخيانات الحاصلة والطعن من وراء الظهر والتعاون مع العدو خلف الستار.
لست واثقاً من صدقهم إن زعم هؤلاء أن لهم الفضل في تحقيق النصر، فالنصر كما هو معلوم لا يأتي إلا بعد تضحيات، إذاً ما التضحيات التي قدمها هؤلاء المتشدقون خلال أربعة أشهر من وجود الحوثيين والقوات العفاشية في عدن وبعض المحافظات الجنوبية ؟ مَن مِن قياداتهم الحراكية تم تفجير بيته ؟، وهل من مقرات لهم تم اقتحامها ونهبها وتفجيرها غير مقرات الإصلاح ؟، وبماذا يُفسر هذا التعاون الخفي بين الحراكيين والحوافيش في حال الاستسلام، حتى لتبدو المسألة وكأنها استلام وتسليم، مع التفاني في حفظ دماء الحوافيش وعدم مساسهم بسوء ؟
لم يكن بذهني أي شك في أن المملكة العربية السعودية خاصة ودول الخليج العربي عامة وبالرغم مما يقال لن ترتضي بالانفصال، فالكلمة الأولى والأخيرة لها ولا يمكنها أن تجازف بالموافقة عليه لأن الأمر يتناقض تماماً مع أمنها الاستراتيجي، إذ لا يمكن لها أن تسلم جزءاً عزيزاً وهاماً من أرض الجزيرة العربية ليكون متكأً للمجوس الصفيونيين، لكن العاطفة الجياشة تعمي الكثير عن التفكر في مثل هذه الحقائق، ولكن كما يقال: من يقرأ ومن يسمع ؟
في الختام يجب الإشارة إلى مسألة هامة وهي أننا لا يمكن أن نقف ضد خيارات شعبنا الجنوبي إذا اختار فك الارتباط فيما إذا أتيحت له الفرصة لذلك بطريقة شرعية حسب القوانين الدولية، أما من يزعمون من القيادات الخنفشارية أنهم المفتاح الأوحد والأخير لخلاص الشعب الجنوبي من الظلم فنقول لهم : لقد ملت الجماهير الكذب، وسئمت الشعارات المخادعة.
بقلم / أحمد عمر باحمادي