طوفان الحريّة

محمد احمد بالفخر

بعد أن توافد شذاذ الآفاق من العصابات الصهيونية الى أرض فلسطين وبعد قيام دولتهم اللقيطة عام 1948م بتواطؤ بريطاني مفضوح بعد وعد بلفور المشؤوم واعتراف مباشر من الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية ثم الدول الغربية تباعاً ارتكبت هذه العصابات المجازر الفظيعة والتهجير القسري الى المنافي لما لا يقل عن ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني ولم تنفع بيانات الجامعة العربية التنديدية ولا جيوش الجنرال قلوب باشا من استعادة شبر واحد من أرض فلسطين وماهي الا تسعة عشرة عاماً واذا بالجيش الصهيوني يبتلع الضفة الغربية والقدس الشريف وسيناء ووصلت دباباته الى مرتفعات الجولان التي لا تصلها حتى الصقور الطائرة من شدة ارتفاعها،

وغابت الأمة كاملة في بحر الظلمات ولم تخرج منه وتشتت فصائل المقاومة وفق التوجهات والنظريات السياسية وتجاذباتها في المنطقة، وتحول الثوار من الخنادق الى الفنادق زيادة في التيه المسيطر على المنطقة بأكملها، ولم تجدي مشاريع السلام والتطبيع نفعاً والتي أتت بعد حرب التحريك في أكتوبر 1973م والتي تلتها مشاريع التطبيع التي بدأها الرئيس المصري أنور السادات وتشتت الآراء والمواقف العربية حينها بين الرفض والصمت والمقاطعة،

وقد صدق فيهم ما قاله الشاعر الثائر احمد مطر:

كلهم سوف يقولون له : بعداً
ولكن .. بعد أن يبرد فينا الانفعال
سيقولون: تعال
وكفى الله "السلاطين" القتال!

تمدد المشروع الصهيوني وفرّخ الكثير من أدواته وكادت الأمة أن تنسى فلسطين وقضيتها حتى كانت المفاجأة الكبيرة بانطلاق ثورة الحجارة والتي أطلق عليها مسمى الانتفاضة والتي غيرت المعادلة كاملة بعد أن رأى العالم الطفل الصغير ببضع حجيرات صغيرة في يده يواجه الدبابات والمجنزرات والرصاص الحي وغير مبالٍ بما يجري خلف الكواليس من دعوات لما يسمى مؤتمر السلام او الاستسلام، ولسان حاله يردد ما قاله الدكتور خالد نمر أبو العمرين

في القدس قد نطق الحجر

لا مؤتمر لا مؤتمر..

أنا لا أريد سوى عمر

اضرب تحجرت القلوب

ومالها إلا الحجر

اضرب فمن كفيك ينهمر المطر

في (خان يونس) في (بلاطة)

في البوادي والحضر

ولّى زمان الخوف

أثمر في مساجدنا الشرر

في فتية الأنفالِ والشورى

ولُقمانَ وحفاظ الزُمَر.

حققت الانتفاضة على أرض الواقع الشيء الكثير وأعادت التعريف بالقضية على مستوى العالم وإن سلبت المؤتمرات فاعليتها.

وعدنا للتيه سنوات أخرى ورأينا التمدد الصهيوني يقود قطار التطبيع ويفرض أمراً واقعاً لا مفر منه،

حتى تفاجأ العالم بطوفان الأقصى يسقط هيبة وكبرياء هذه الدويلة اللقيطة التي أغدقت عليها أموال واسلحة وتكنلوجيا العالم وقدراتهم العسكرية والاستخباراتية لتصبح في دقائق معدودة كل مستوطنات ما يسمى غلاف غزة تحت سيطرة مجاميع من الشباب الذين تم اعدادهم في زمن قياسي لتغيير الخارطة السياسية والجغرافية،

طوفان الأقصى هو طوفان للحرية تفاعل معه كل أحرار العالم فانشرحت قلوبهم وارتفعت اكفهم بالدعوات والتضرع الى الله العلي الكبير بالنصر والتمكين لهذا الشعب المظلوم الذي عانى ويلات الاحتلال الغاشم على مدى 75 عاماً،

(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله)

وفي الوقت نفسه رأينا الذين في قلوبهم مرض من المتصهينين والمطبّعين ترتجف قلوبهم وترتعد أجسادهم خوفاً من أن يكتمل نصر طوفان الأقصى ولهذا سرعان ما انشرحت قلوبهم وطاروا فرحاً وتراقصوا طرباً وهم يشاهدون القصف الهستيري والمتوقع اصلاً من قبل الطيران الصهيوني على المدنيين العزل في غزة العزة والشموخ،

ما هذا الخذلان وهذا الانحطاط الذي وصل اليه البعض

أليست فلسطين قضيتنا؟ أليس الأقصى مسرى نبينا ومنطلق معراجه الى السماوات العُلى؟،

ونقول لهم فلسطين ستنتصر عاجلاً أو آجلاً فكيف حينها سيكون حالكم؟

وختاماً نذكر أنفسنا ونذكركم بهذا الحديث النبوي الشريف،

قال ﷺ: ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلماً في موطن تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نُصرته وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عِرضه ويُنتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موضع يحب فيه نصرته.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص