أكتوبر ثورة الحرية في مواجهة الأوهام


بعد أن أسدل سبتمبر الستار على احتفالات الثورة اليمنية المجيدة، وقد أعاد للوطن بعضاً من ابتسامته، وألهم شعبه روح الانتصار على مشروع الكهنوت شمالاً وأحلام التشطير جنوباً، يطل علينا أكتوبر التحرير ليؤكد أن الحرية أكبر من كل المشاريع الصغيرة وأبقى من كل المحاولات العابرة لاحتكار الشارع أو اختطاف الإرادة الشعبية.

أكتوبر ليس مجرد ذكرى عابرة، إنه عنوان الخلاص من الاستبداد والاستعمار، ورمز التحرر من الوصاية والتبعية لهذا حين يعود أكتوبر كل عام، يعود ومعه السؤال هل وُجدت الثورة لتخدم مشروع فئة أو جماعة، أم لتبقى مظلة جامعة لكل اليمنيين؟

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول العام الماضي أن يقدّم نفسه باعتباره الشارع كله، فنقل معركته إلى وادي حضرموت وصحرائها، ظانّاً أن رفع الأعلام والشعارات كفيل بإلغاء الآخرين، لكن سرعان ما ظهرت الحقيقة، إذ برزت قوى سياسية ومجتمعية لتكسر هذا الادعاء، وتثبت أن حضرموت خاصة والجنوب عامة لم ولن تكون رهينة مشروع الإقصاء والتبعية.

لقد كانت تلك التجربة صفعة سياسية موجعة للانتقالي واتباعه، فبدلاً من أن يفرض سيطرته المطلقة، كشف عن حجم الاصوات الرفض والصامتة لمشروعه، والأهم من ذلك أن الجماهير خرجت اليوم اقوى من قبل لتعيده من الشارع الذي ادّعى امتلاكه وستجعله يرسم ملامح الاحتفاء باكتوبر هذا العام في القاعات المغلقة او عبر النثرات المتبعترة هنا وهناك، حيث ستبقى مجرد شعارات بلا رصيد.

إن ما فشل فيه الانتقالي العام الماضي سيفشل فيه هذا العام أيضاً، لأن الثورات لا تُختطف، والذاكرة الوطنية لا تمحى بخطاب مناطقي أو ادعاء أحقيّة زائف، فأكتوبر الذي حرر الجنوب من الاستعمار، لا يمكن أن يتحول اليوم إلى أداة بيد مشروع يسعى لإقصاء الشركاء، وتفكيك الوطن، وإعادة إنتاج الاستبداد بألوان جديدة وبدعم خارجي.

انها مفارقة التاريخ شهر الثورة والحرية في مواجهة مشروع يسعى لاحتكار الشارع وتكميم الإرادة لكن كما انتصرت أكتوبر بالأمس على المستعمر، ستنتصر اليوم على كل من يحاول إعادة قيود التبعية، وسيظل صوت الشعب الحر أقوى من كل الأصوات المصطنعة.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص