المقالات

بينما كنت أتابع النشاط اليومي للسلطة المحلية في وادي وصحراء حضرموت، لفت انتباهي نمط متكرر من الأخبار والنشاطات التي تُنشر في حسابها الرسمي، حيث تُقدَّم كإنجازات، لكنها في الواقع تتجاهل قضايا رئيسية تستحق النقاش والمعالجة ضمن مسؤوليات السلطة المحلية تجاه المواطنين.

خلال الفترة الأخيرة، تقلَّص دور السلطة المحلية في تحسين الخدمات الأساسية، واقتصر نشاطها على حضور الفعاليات والمناسبات الرسمية ورعاية أنشطة المنظمات والمؤسسات الخيرية، في وقت تزداد فيه معاناة المواطنين من نقص الخدمات الحيوية، وعلى رأسها الكهرباء، ونحن مقبلون على صيفٍ أعان الله الجميع عليه.

ما دفعني إلى كتابة هذا المقال هو مشهد يتكرر باستمرار: فئات تحظى بدعم السلطة المحلية، ومشاريع تلقى الاهتمام، بينما تواجه فئات أخرى التجاهل والتهميش. في هذا السياق، أجريتُ مؤخراً حواراً صحفياً لموقع حضرموت اليوم حول مبادرة "رؤية المعالجات للطاقة الكهربائية لخمس سنوات قادمة"، التي تهدف إلى تخفيف معاناة المواطنين من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي ووضع حلول مستدامة لهذه المشكلة، سألت رئيس فريق إعدادها وعضو المجلس المحلي بالمحافظة، المهندس محمد أبو بكر حسان، عن مدى تجاوب السلطة المحلية معها.

فكانت إجابته محبطة، كاشفةً عن جانب من هذا التهميش:
"للأسف، لم تتفاعل السلطة المحلية بوادي حضرموت، ممثلةً بوكيل شؤون مديريات الوادي والصحراء، مع المبادرة بالقدر المطلوب، رغم أنها تهدف إلى التخفيف من معاناة المواطنين.
حاولنا لقاء الوكيل عامر العامري لعرض الرؤية وتسليمه نسخة منها، وتواصلنا مع مدير مكتبه لتحديد موعد، لكن لم يتم الرد علينا، اضطررنا إلى إرسال طلب رسمي بتاريخ 19 ربيع الثاني 1446هـ الموافق 22 أكتوبر 2024م، لكننا لم نتلقَّ أي رد أو حتى ملاحظات من السلطة المحلية."

فلماذا هذا التجاهل؟ عندما تتعلق المبادرة بحل أزمة يعاني منها المواطنون يومياً، لماذا تُقابل بالتجاهل؟ وإذا كانت السلطة المحلية ترى سبباً لعدم التفاعل معها، فلماذا لا توضح موقفها للرأي العام؟ خصوصاً أننا نراها تتفاعل مع مشاريع أخرى أقل أهمية.

صفحة السلطة المحلية بوادي وصحراء حضرموت تعجّ بأنشطة ولقاءات قد لا تمسّ معيشة المواطن بنفس القدر، مما يثير تساؤلات حول آلية اتخاذ القرار في السلطة، ولمصلحة مَن تُدار الملفات الخدمية؟

نحن كإعلاميين لا نبحث عن خصومات، بل نريد نقل الواقع للرأي العام بكل شفافية، تجاهل المشكلات الحقيقية لا يُعفي السلطة من مسؤولياتها، وإذا كان هناك مبرر لعدم التجاوب مع هذه المبادرة، فمن حق المواطنين أن يعرفوه، السلطة المحلية مسؤولة أمام الله والشعب، ومن واجبها أن تستمع إلى الحلول المطروحة، لا أن تغلق أبوابها أمامها، فإلى متى سيستمر هذا النهج؟

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص