تحلّ علينا اليوم الذكرى الخامسة والثلاثون لتحقيق الوحدة اليمنية، تلك اللحظة التاريخية التي طالما حلم بها الأجداد وتغنّى بها الأبناء، لما حملته من آمال عظيمة في بناء وطن موحّد تسوده العدالة والمواطنة المتساوية، غير أن هذه المناسبة تأتي في وقت عصيب تتعرض فيه الوحدة اليمنية لأسوأ أشكال الاستهداف من قبل جماعات مسلحة شمالاً وجنوباً، تعمل تحت عباءة الجمهورية وشعاراتها، بينما تسعى فعلياً إلى تمزيقها وتقويض سيادتها.
في ظل دعم خارجي مشبوه، تصدّرت المشهد مليشيات تتنازع القرار اليمني، تحكم بسياسات سلالية في الشمال، وتمارس عنصرية مقيتة في الجنوب، في انحراف خطير عن مبادئ الوحدة ومكتسبات الثورة والجمهورية.
وعلى الرغم من أن مؤتمر الحوار الوطني وضع أساساً لمسار جامع ومرضٍ لمختلف القوى، إلا أن الأصوات الرافضة للسلام لم تتوانَ عن إعاقة أي توجه نحو الاستقرار، مستخدمة اسم اليمن وشعاراته في خدمة مشاريع خارجية لا تمت لمصلحة الوطن بصلة.
المفارقة المؤلمة أن هذه القوى المعرقلة للسلام، تنشط اليوم من داخل مؤسسات الدولة، وتعمل بأدواتها وبتمويلها، بينما تسيء إلى الدولة نفسها وتسعى لتفتيتها من الداخل، غير آبهة بمصير البلاد أو آلام شعبها.
اليوم ونحن نعيش ذكرى مشروع اليمن الموحد القوي لم يعد ممكناً الصمت أو التغاضي امام هذا الواقع المرير، لقد آن الأوان لوقفة وطنية شاملة تدرك حجم الخطر المحدق بأمن اليمن ووحدته، ولإعادة النظر بجدّية في العملية السياسية، بما يضمن أن لا يتحول الحل السياسي القادم إلى عبء إضافي على كاهل اليمنيين، بل يكون بوابة حقيقية نحو السلام العادل والدائم.