تشويه بوابة شبام.. عبث بالهوية الحضرمية وإساءة لتراث عالمي.

أثار قيام عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي برفع شعارات وأعلام سياسية على واجهة مدينة شبام حضرموت ومدخلها، وعلى مبانٍ تراثية مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي، موجة استنكار واسعة بين المثقفين والناشطين والمهتمين بالشأن الثقافي والتراثي، الذين اعتبروا ما حدث انتهاكًا صارخًا لحرمة المدن التاريخية وتعديًا على هوية حضرموت الحضارية والإنسانية التي تجسدها مدينة شبام، أقدم ناطحات سحاب في العالم.

تحذيرات من فقدان المكانة الدولية..
سفير اليمن لدى اليونسكو الدكتور محمد جميح وصف ما جرى بأنه "امتداد لعدوى العبث بالمدن التاريخية"، قائلاً:
"على ما يبدو أن العبث بمظهر المدن التاريخية امتد من صنعاء إلى شبام حضرموت، مع رفع شعارات وأعلام مختلفة."

وأضاف أن مثل هذه التصرفات قد تؤدي إلى حرمان شبام من مشاريع اليونسكو، كما حدث في صنعاء بسبب ممارسات الحوثيين، مؤكداً أن المدينة تخضع للحماية الدولية ضمن اتفاقية 1972 الخاصة بحماية التراث العالمي.
ودعا جميح إلى "إبقاء شبام بعيداً عن التجاذبات السياسية حفاظاً على طابعها المعماري وهويتها التاريخية."

الناشط الشبابي عبدالسلام باتيس عبّر عن غضبه مما حدث قائلاً: "يُعبث بتراث وعمق تاريخي لا يُقدّر بثمن، برموز وأعلام لا تعني لحضرموت سوى الهلاك والسحل والإجرام."
وتساءل: "أين أهل الأرض؟ أين أهل شبام وضواحيها من هذا العبث بإرثهم التأريخي؟"

إساءة للذوق العام والوعي التراثي..
الكاتب والإعلامي أمين بارفيد قال إن ما حدث "بعيد عن السياسة لكنه مؤلم لكل من يعرف قيمة شبام"، مضيفًا: "الأخوة في الانتقالي كان بإمكانهم استخدام عشر طرق أخرى للتعبير دون تشويه البوابة التاريخية.
هذا السلوك لا يسيء للذوق العام فحسب، بل يكشف فقر الوعي بأهمية التراث المادي الذي يروي حكاية حضرموت القديمة.
الشعارات تزول، لكن المباني التاريخية تبقى هوية الأرض."

في السياق ذاته، قال الصحفي رائف الرويقي:"ما حدث في شبام ليس مجرد طلاء لجدران أو رفع راية، بل طمس لمعنى المكان وتاريخه الممتد لقرون.
شبام ليست مباني طين فقط، بل ذاكرة حضرمية خالدة، وكل عبث بها هو طعنة في قلب التاريخ.
من المؤسف أن تتحول الرموز التاريخية إلى أدوات دعاية سياسية."

تحذيرات من حالة التشوية..
واعتبر آخرون ان ما حدث بأنه "تشويه متعمد ورسالة خطيرة عن غياب الوعي بأهمية التراث"، مؤكدين أن:
"بدلاً من أن تكون شبام منطلقاً لإحياء الهوية، يجري تحويلها إلى لوحة سياسية مشوهة.
وحماية شبام ليست خياراً، بل واجب وطني وثقافي على الجميع."

دعوات لحماية التراث وتحييد المدن التاريخية عن الصراعات واتفق الجميع في هذه المواقف على أن ما حدث في شبام يمثل إساءة جماعية تستوجب وقفة مجتمعية، مؤكدين أن العبث بالهوية البصرية للمدينة هو عبث بمستقبلها السياحي والإنساني.
وشددوا على أن شبام ليست مجرد مدينة أثرية، بل رمز لحضارة حضرموت الممتدة عبر التاريخ، وأن أي مساس بمظهرها أو هويتها يعد إساءة تتجاوز حدود السياسة إلى دائرة الوعي الوطني والأخلاقي.

ودعوا السلطات المحلية والجهات المختصة إلى التدخل العاجل وتحييد المواقع التراثية عن الصراعات والمناكفات السياسية، حفاظًا على مكانتها العالمية وذاكرتها الإنسانية الخالدة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص