لا زلنا مع قوافل النور التي وفدت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من حضرموت لتعلن إسلامها، فهذا وفد حضرمي من حضرموت يترأسه الصحابي الحضرمي وائل بن حجر رضي الله عنه الذي بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومه من حضرموت، كما أورد ذلك الإمام ابن كثير في كتابه البداية والنهاية 5/209: (قال أبوعمر بن عبدالبر: وائل بن حجر أحد أقيال حضرموت -أي أحد ملوكها- وكان أبوه من ملوكهم، ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه قبل قدومه به وقال: يأتيكم بقية أبناء الملوك، فلما دخل وائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رحب به وأدناه من نفسه وقرب مجلسه وبسط له رداءه وقال: اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده، واستعمله على الأقيال من حضرموت) أورد ذلك صاحب الاستيعاب في وفد وائل من حضرموت (4/ 1562-1563) فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وائل حجر رضي الله عنه ساعياً على قبيلة (حضرموت) ولهذا قال في رسالة كندة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل حضرموت: (ووائل بن حجر يترفل على الأقيال) أي ساعياً وعاملاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه بحضرموت وهذا نص الرسالة كاملة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل حضرموت ذكرها صاحب الجواهر 62 عن صاحب البرد النعيم (146) ما نصها: (بسم الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله... إلى الأقيال العباهلة، والأرواع المشابيب بحضرموت، في التبعية شاة غير مقورة الألياط ولاضناك، وانطوا الثبجة، وفي السيوب الخمس، ومن زنى ممبكر فاصقعوه مئة، واستوفضوه عاماً، ومن زنى ممثيب، فضرجوه بالأضيم ولاتوصيم في الدين، ولا غمه في فرائض الله تعالى، وكل مسكر حرام، ووائل حجر يترفل على الأقيال). وهناك وفد آخر جاء إلى رسول الله صلى عليه وسلم من حضرموت وهو وفد الصدف من قبيلة كندة الحضرمية جاء في السنة العاشرة من الهجرة كما ذكر الطبري في تاريخه 3/ 139: (وفد الصدف من كندة حضرموت وفودهم كانت في السنة العاشرة وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع) كما ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله حال وفودهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه البداية والنهاية 5/ 222: (وفد الصدف من كندة حضرموت قدموا بضعة عشر راكباً، فصادفوا رسول الله صلى عليه وسلم يخطب على المنبر، فجلسوا ولم يُسلَّموا، فقال: أمسلمون أنتم؟ قالوا: نعم، قال: فهلا سلمتم، فقاموا قياماً، فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقال وعليكم السلام اجلسوا، فجلسوا وسألوا رسول صلى الله عليه وسلم عن أوقات الصلوات) وبتلك الوفود كانت البداية لصناعة مجد حضرموت الذي أشرق بصحابته الحضارم فأناروا الدنيا بالفتوحات ونقل الأحاديث وتعليم الدين الإسلامي الحنيف كما رباهم وعلمهم عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكانوا من خيرة الصحب الأمجاد.
