شياطين صفدت وأخرى انطلقت

غادرنا رمضان .. شهر الصوم والهدى والفرقان , سائلين الله أن يتقبل منا صالح أعمالنا وأن يعيده علينا ونحن في أحسن حال وأتم عافية .. وفي رمضان مفاهيم تربوية ومماثلات ثورية يستفيد منها الثائر العابد فيتقوى بها على كل الصعاب :
1 ـ الصبر يحقق الأجر : ـ يتحمل الصائم الجوع والعطش ويصبر على كبح الرغبات متحملا أذى الآخرين وضرهم فيقول للسفهاء : إني صائم , وهو قادر على البطش بهم ولكنه يرجو رحمة ربه ورضاه , ويتشابه معه الثوار المرابطون في الساحات وهم يتحملون البرد والحر وفراق الأهل والأحبة ويصبرون على أذى الحمقى وألسنة السفهاء وتطاول الأقزام على قدرهم عالي المقام فيردون عليهم : ثورتنا سلمية لا نبتغي فتنة ولا حربا , ولو أردناها غير ذلك للزم كل ثعبان ناعم الملمس حفرته , ولكننا نرجو رحمة الله بالخلاص من الظلم دون فتنة ولا قتال . وكما حقق الله للصائمين منزلتهم وفضلهم وأجرهم فو الله ليحققن للثائرين ما يبتغون .. عزة وفضلا ونصرا وتمكينا .
2 ـ كم صائم ليس له فرحة ولا أجر : ـ أولئك الذين لم يفقهوا حكمة الصوم وفقهه فصاموا عن الطعام والشراب ولم يصوموا عن غيره من التجريح فذهب صومهم هباء وحسناتهم أدراج الرياح , مثلهم كمثل من يدعي ثورة ونضالا ويطالب بحقوق وحريات وهم لا يفقهون شيئا من فقه واقعها ولا أثار أفعالهم ولا أبعاد خطواتهم .. أتعبوا أنفسهم بمراقبة الآخرين ومعاداة المنافسين وتشويه انجازات العاملين وتثبيط عزائم العامة بالتشكيك والأقاويل فكانوا في سماء الثورة فقاعات وفي أرض النضال عثرات , هم المرجفون في المدن والناعقون في الطرقات والثرثارون في المجالس والقاعات , لهم قول ينبع من مشكاة واحدة وبأحرف واحدة وبأسلوب موحد في داخل الوطن وخارجه . حلمهم تفتيت الجبل الشامخ بلعق صخوره بألسنتهم , والجبل يزداد في اليمن وفي غيره شموخا ورسوخا , وما ضر جذع النخلة قرص البعوض ولا نقر العصافير .
3 ـ شياطين صفدت وأخرى انطلقت : في رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين الجن , ولكن أبت فيه شياطين المخلوع ومردة الحرس الجمهوري والأمن القومي ومن رف بجناحيه معهم من الغربان والبوم والنعام أن تصفد وتكف عن الناس شرها فانطلقت تفتح نار العنف والخطف والقتل والتفجير على عباد الله وعلى منجزات البلاد ومؤسساتها , لم يراعوا حرمة زمان ولا مكان ولم يرقبوا في مسلم إلا ولا ذمة , يريدون إبرار قولهم السابق بإدخال الحرب كل بيت , ودفع البلاد إلى مستنقع الفتنة والحرب وقتال الأخ لأخيه , وأن تبقى أمور حياتنا ومعيشتنا مذبذبة وغير مستقرة , فانطلقوا بقوة وحقد يسددون سهامهم المسمومة ويطلقون أشرس كلابهم المسعورة لتنهش في جسد المواطن وتجرح بنيان الوطن . يقومون بأعمال إجرامية مشينة لا أظن مسلما من أي كيان سياسي يفرح بها إلا من كان قد أعمى الله بصيرته قبل بصره . وأسال الله أن يرد كيدهم في نحورهم وأن تطيش سهامهم عن أهدافها وان تتكسر من كلابهم أنيابها .
4 ـ العيد بشائر من كل حدب وصوب : بأن الخير قادم والنصر آت .. يطول الزمن ويمتد الوقت حتى يظن أكثر الناس ثقة أن لا فائدة من مواصلة المشوار فالغلبة صارت للأشرار ولا عزاء للثوار , ويداخلهم قنوط ويأس بدلا مما كان عليه أمرهم من الثقة وقوة البأس . وهذه سنة الله في ألام المخاض قبل الولادة الطبيعية فكيف بالمتعسرة أو القيصرية . هذه تباشير النصر للأعيان واضحة , دولة إسلامية حاكمة لا محالة قادمة , بدأت في أمصار المعمورة تتكون وسيكتمل بنائها في خلافة راشدة على منهاج النبوة بفضل الله , فابشروا أيها الأحبة فإن الله قد جعل القادم لكم . سقطت كل الشعارات وتهاوت عروش كل المعتقدات وتحطمت كل النظريات والفلسفات , علت وتعاظمت وانتشرت ثم كانت هباء منثورا , تخلى عنها منظروها وهاجمها روادها ومعتقدوها .. واليوم عاد الإنسان واثقا أن الإسلام حل شامل عادل لكل مشاكل الحياة .. فالقادم بعون الله إسلام يحكم بعدل واعتدال ووسطية واستقامة ومساواة ورحمة . ولقد تتبعت سنن الدعاة المطالبين بالتغيير من المرسلين ومن أمن معهم في كتاب الله والسنة والسير فما وجدت سنة مر بها كل مصلح عامل في ميدان دعوته إلا مررتم بها وذقتموها كما ذاقوها , القلة والضعف , السخرية والاستهزاء , التهديد والأذى , السجن والعذاب , الإغراء والالتواء , النفي والجفاء , التشكيك والتشنيع , وكما تجاوزها السابقون , تجاوزتموها خلال عقود من عملكم لهذا الدين بكل فخر وتوفيق ونجاح , فلا تبتئس ـ أخي الثائر المعاهد ـ بتعاقب الليل والنهار عليك وأنت في الساحات أو لعدم سرعة انفراج الأزمات أو لأنه ما زالت لدى الخصوم قدرة وقوات . لا تبتئس ولا تستعجل .. فالغد بك أرقى وأحلى وأجمل .
بقلم : ابو الحسنين - محسن معيض

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص