الابتسامة جزء من علاج كل مشكلة من مشاكل الحياة ، من أجل ذلك ندبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله إلى رسم ابتسامة عريضة مع طلاقة الوجه دائما وفي كل الأحوال والظروف فابتسم فإن للابتسامة مفعول سحري : يستميل القلوب ، فإن كانت المشكلة التي بين يديك بمقدورك حلها فمن السفه التفرج عليها ألي كذلك ، ابتسم ، وإن تعذر عليك بإمكاناتك حلها ، فابتسم أيضاً ، ولُذ بـ : يا ذا الجلال والإكرام .. فلماذا العبوس بعد ذلك يا ترى ؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) [ رواه البخاري] ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه : ما رأيت أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثاً إلا تبسم [رواه أحمد] ويقول جرير رضي الله عنه : ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ، ولا رآني إلا تبسم في وجهي [رواه البخاري] : ( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فليسعهم منكم : بسط الوجه وحسن الخلق ) .
ويذكر فضالة بن عمر الليثي أنه : قرر أن يخلص الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم عام الفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مكة يطوف بالبيت يريد قتله ، فتسلل بين صفوف الطائفين حتى اقترب من النبي صلى الله عليه وسلم وصار بحياله وخلفه تماماً ، التفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (أفضالة ؟)
يقول فضالة : قلت نعم .
قال صلى الله عليه وسلم : ( ماذا كنت تحدث نفسك ؟ )
قال فضالة قلت : لا شيء ، كنت أذكر الله . ثم أخذ يصف الموقف قال :
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم
ثم قال لي : ( استغفر الله ) ووضع يده على صدري ، فو الله ما رفعها حتى ما من خلق الله شيء أحب إليَ منه .
وهناك محاولة اغتيالٍ أخرى تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم بعد عودته غزوة ذات الرقاع حين نزل صلى الله عليه وسلم في وادٍ كثير العضاة ، فنزل تحت شجرة علق بها سيفه ، وتفرق أصحابه تحت باقي أشجار الوادي ونام الجميع ، فتسلل أعرابي مشرك هو غورث بن الحارث واخترط سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم ، ثم أيقظه والسيف صلتاً في يده وقال : من يمنعك مني ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( الله ) فوقع السيف من يد غورث ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيده ثم دعا أصحابه لينظروا إليه مقيدا وليعرفوا خبره .. ولم يعاقبه وإنما منَّ عليه بالعفو عنه .. فهل هناك ما هو أخطر هؤلاًء من عملية اغتيال ترجف لها القلوب فيظهر ذلك انفعلاً وتوتر على الجوارح ، ولا مكان معها لابتسامة ولا ضحك فالأمر جد ؟
جاء في المثل الصيني : الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم ، أنى له أن يفتح متجرا .
وعندما رفض صاحب عمل زيادة أجور عمال محلاته التجارية ، تواطؤ واتفقوا على أن لا يبتسموا في وجه زبون ، فانخفض دخل المحلات في أسبوع واحد فقط أكثر من 60 % عما عن متوسط الدخل في الأسبوع قبله فقط ؟!!
علا ما الهم :
قال الشاعر :
بُني إن البرَّ شيءٌ هينٌ وجهٌ طليقٌ وكلامٌ لين
مر حكيمٌ على رجلٍ مهمومٍ مغمومٍ حزين ..
فقال الحكيم : يا هذا إني سائلك عن ثلاث فأجبني ؟
قال الرجل المهموم : نعم .
قال الحكيم : أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله ؟
قال : لا .
قال الحكيم : أينقص من أجلك لحظة كتبها الله لك ؟
قال : لا .
قال الحكيم : أينقص من رزقك شيء قدره الله ؟
قال : لا .
قال الحكيم : فعلى ما الهم والغم والحزن ؟ ..
جاء رجل إلى ابن عقيل غفر الله له فقال : يا إمام إني كلما انغمست في النهر غمستين أو ثلاثا لا أتيقن أن الماء قد عمَّ بدني ، ولا أني قد تطهرتُ فكيف أصنع ؟
تبسم ابن عقيل قال له : لا تصلِ !
فقيل لابن عقيل : كيف قلت هذا ؟
قال : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق ) ومن ينغمس في الماء مرتين أو ثلاث ويظن أنه ما اغتسل فهو مجنون .
اضـحك تضحك لك الدنيا :
فالابتسامة جزء من علاج كل مشكلة قال الشاعر :
كـم عابسٍ والحـياةُ ضاحكةٌ ومِنْ ضعافِ نفوسٍ عاتبوا القدرا
إن الحياةَ كشوكٍ وسطه زهرٌ فحطم الشـوك حتى تبلغ الزهـرا
انظر إلى الشاعر إيليا أبو ماضي ، وهو يحاور مغموم :
قال الســـماءُ كئيبـــةٌ وتجــــــهَمَا قلت : ابتسم يكفي التجهمَ في السماء
قال : الصِبا ولى ! فقلت له : ابتسم لن يرجـع الأسـف الصـبا المتـصرما
قال : العدى حولي علت صيحاتهم أ أُسـرُّ والأعــداء حــولي في الحمى
قلت : ابتســــــم لِـمَ يطـــــلبوك لو لم تكنْ منــهم أجــلَّ وأعـــظما !
قال : الليالي جــــرعـتني علقــــماً قلت : ابتسـم ولـئنْ جـرعت العلقما
فلعل غــــــيرك إن رآك مــــرنماً طــــــرح الــكآبة خــــــلفه وترنما
أتُـراكَ تغــــنم بالـترنم درهـــــما أم أنت تخــسر بالبشـاشـــة مغــنما
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى مــتلاطــمٌ ولذا نـحب الأنجــما
الابتسامة سحرٌ حلال ، تحول المعضلة إلى فسحة سهلة ، والمحنة منحة . فبالابتسامة :
1) تدخل السرور على الآخرين ، وحاجة البعض للسرور أكثر من حاجتهم للطعام ، وفي الحديث : ( أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ) [رواه أحمد]
2) تُبعد التوتر الذي قد يخيم على موقف من المواقف ، فالابتسامة رسالة إيجابية تحمل إيحاءات قوية ، وتُذيب الجليد المتراكم فوق المشكلات .
3) تصور مريضين دخلا غرفة العمليات لإجراء نفس العملية ، فدخل أحدهما متوكلاً على الله مبتسماً مستسلماً لقدر الله عز وجل ، يعلم أن الطبيب ليس سوى سبب ، وأن الشافي المعافي هو الله سبحانه ، وآخر دخلها بنفسية محطمة قد جف لعابة ، وعلة الغبرة وجهه ، يسأل الطبيب ومساعديه عن احتمالات نجاح العملية ، أيهما يحالفه نجاح عمليته منهما بإذن الله .
فانثر ابتساماتك ذات اليمين وذات الشمال ، حتى مع احتمال المكاره ، تحظى برضا الرب جل جلاله وأجر تبسمك في وجه أخيك ، وحب الناس لك ، فقد لقي أعرابي متسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمشي وعليه برد نجراني غليظ مع أنس رضي الله عنه فمسك الأعرابي المتسول بذلك البرد وشده حتى لواه على عنق النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أعطني من مال الله الذي عندك ! التفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وابتسم وأمر له بعطاء .. ما الذي نقص ؟ لا شيء ، غير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زاده الله هيبة ووقاراً وحب في قلوب الناس بهذا .. لا غير ..
قل لي كيف تبتسم أقل لك من أنت ؟!
فالابتسامة مفتاح سحري للقلوب المغلقة ، تسهم في التوازن النفسي ، وهي نوع من العلاج الوقائي ، وأنجح الناس هم من يتمتعون بابتسامة جذابة متفائلة صادقة ، أما المتجهمون العابسون فهم .. ؟!
أنواع الابتســامة :
1) الابتسامة الساخرة : وصاحبها محب للسيطرة والتفوق والتعالي .
2) الابتسامة المصطنعة : وصاحبها متكلف غامض ، متعطش للإطراء والمدح .
3) الابتسامة المقتضبة : وصاحبها متردد ، غير مبالٍ .
4) الابتسامة مع الضغط على الشفة السفلى : صاحبها متقلب يؤذي الآخرين .
5) الابتسامة الخجولة : صاحبها أعصابه متوترة ، مخاوفه كثيرة ، محتاج إلى شفقة ومساعدة .
6) الابتسامة الهادئة : تحس فيها الصفاء ، وصاحبها ناجح ، قوي الشخصية .
7) الابتسامة الغاضبة : تلك التي وصفها كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبة عند تخلفه عن غزوة تبوك فعندما قفل صلى الله عليه وسلم من الغزوة وجاء المعذِرون يعتذرون وتقدم كعب رضي الله عنهوسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فتبسم تبسم المغضب ؟!
8) الابتسامة الصادقة العريضة : ابتسامة الاستقامة الحقيقية ، والطريق الواضح ، لا لف ولا دوران ، البسمة الحانية التي تنشر ظلال الراحة والأنس والرضا على نفس متلقيها ، نلك التي وصفها كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبة عند تخلفه عن غزوة تبوك ، حين نزلت توبة الله سبحانه وتعالى على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ، وعلى الثلاثة الذين خلِّفوا ، وأقبل كعب رضي الله عنه، فهش النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وعلت وجهه ابتسامة ، وصف كعب ذلك فقال : كأن وجهه قطعة قمر .