يواجه الإسلاميون المعتدلون اليوم في الوطن العربي بعد ثورات الربيع العربي , هجمة إعلامية شرسة من قبل أعداء الحرية والديمقراطية من المتشدقين بها والمتعصبين لها من الليبراليين والعلمانيين واليساريين ومن على شاكلتهم ومن بقايا الأنظمة العربية الفاسدة , فهم يدعون أنهم يقبلون بالديمقراطية والقبول بالرأي والرأي الآخر, وبالتبادل السلمي للسلطة , وبالقبول بالنتائج التي تفرزها الانتخابات الحرة والنزيهة مهما كانت - ولكنهم في حقيقة الأمر هم يناقضون أنفسهم بأنفسهم , ويخالفون أقوالهم بأفعالهم , ويحرمون على الإسلاميين الوصول إلى السلطة بواسطة اللعبة الديمقراطية – الانتخابات – أو بأي وسيلة أخرى ويحلونها لهم , بل ويعملون على إعاقتهم للوصول إليها بشتى الوسائل الغير مشروعة - الغاية تبرر الوسيلة- باستخدام المال العام ووسائل الإعلام الرسمية والجيوش العائلية والبلاطجة المحترفين ومرد ذلك - في اعتقادي – يكمن في الحسد المبطن والحقد الدفين والبغض الشديد للإسلاميين ولمشروعهم الإسلامي النهضوي الشامل , وكأن لسان حالهم يقول عن الإسلاميين : كيف بأناس كانوا مطاردين ومشردين ومغيبين في السجون , وبعيدين عن العمل السياسي والحزبي , وغير معترف بهم رسمياً في وقت من الأوقات , وفجأةً أصبحوا على رأس السلطة التنفيذية والتشريعية , ويقودون دفة الحكم في البلدان العربية التي كنا نحكمها – بالحديد والنار - ومسيطرين عليها تماما", فهؤلاء – للأسف- يجهلون أو يتجاهلون الإرادة الإلهية في سنة التغيير والتداول كما قال تعالى : ((وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس )) وقوله تعالى : ((قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) ..
فالإسلاميون اليوم في مصر وتونس وغزة وتركيا , اثبتوا بأنهم جديرون بحق وقادرون – إن شاء الله تعالى- على قيادة الأمة وبالأسلوب العصري والديمقراطي للحكم داحضين بذلك الشكوك والافتراءات والانتقادات الموجهة لهم من أعدائهم والادعاء بأنهم مجرد "دراويش" يستغلون الدين في تحقيق أهدافهم وللوصول للسلطة , فهم لا يفقهون شيء عن السياسة ولا يستطيعون إدارة الدولة الحديثة بمؤسساتها وأجهزتها المدنية والعسكرية , إلا أن الإسلاميين استطاعوا أن يبرهنوا على كفاءتهم وجدارتهم بالممارسة العملية للحكم – هنية و اردوغان ومرسي نموذجاً – ولا شك بان هناك المزيد من الإسلاميين لديهم الكفاءة والإمكانات العالية والقدرات العلمية والعملية لتبؤ أعلى المناصب السياسية و الإدارية ..
وختاماً .. نؤكد حقيقة حتمية بأن الصراع بين الحق والباطل , صراع أزلي ومستمر إلى يوم القيامة , وإن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة , و(( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)) , وكلما ازداد الليل حلكة بزغ نور الفجر , معلناً بان المستقبل لهذا الدين , والله تعالى يقول : ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) صدق الله العظيم .