كم أندهش وأتعجب من تقلبات الزمن وأحوال الخلق وسبحان الذي لايتغير ولا يتبدل سبحان الله ... ولكن الذي ينسى سنن رب العالمين ومنهاجه القويم ووصايا سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام وينسى عبر التاريخ وأحداثه ويتعامل مع أمة محمد بمقاييس الجاهلية والعواطف والأحلام الأنانية ويتوقع الرزق والخير والأمن والعافية في غير اتباع منهاج القائل عز وجل (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) وقوله عز وجل (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ...) هنالك الإنسان يزل ويزيغ وتأخذه حمية الجاهلية ومقاييسها في تمييز الخلق بحسب لونهم أو جنسهم أو موطنهم ويفاضل بين عباد الله على أساس هذا المفهوم الضيق الصغير والذي رفضته حتى الشعوب والأفكار والدول والحضارات التي كبرت في مدى تفكيرها وآمنت بعد صراعها وتجاربها الطويلة بقيم الإنسانية والنظرة للإنسان باعتباره إنسان فقط ونبذ كل أنظمة وقوانين التمييز وأسمت كل ذلك عنصرية متخلفة , رغم أن هذه الدول كافرة بمنهاج خير البشر والمعلم الأول لقيم الإنسانية ولكنها لم تجد سكينتها وأمنها إلاّ حين اتبعت ما نادى به الإسلام في هذا المبدأ العظيم الذي يعيد بني البشر لأصلهم الأول . أكيد سأجد من يقول مادخل ماتذكر بما نفكر ؟ فأقول أي أخي : ماقيمة الدنيا كلها ولو نلت كل الذي فيها من كنوز ولذائذ وسلطة وثروة ودولة وقوة ماقيمتها وأنت تلقى الكريم الرزاق المعطي المانع عاضاً بنواجذك على دعوات الجاهلية تبغض هذا وتسعى لإيذائه وشتمه وانتقاص كرامته واحتقاره لأنه ولا حجة لك إلا أنه ينتمي للجهة الفلانية وتحب هذا وترفع من شأنه وتمدح أوصافه وتزكيه وتنتصر لندائه وميزته فقط أنه من ساكني ناحيتك ومن مواطني دولتك والكل على دين واحد وقد يكون من تبغض وتحارب أكرم وأعز عند الله من ملئ الأرض من أمثال من تحب وتنصر وقلي فمن يخاطب نبينا صلى الله عليه وسلم في قوله ((دعوها فإنها منتة )) ؟؟؟؟؟ وما القيمة والتوجيه الشرعي في قوله عليه الصلاة والسلام ((أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم )) ؟؟؟؟ ...
وأقول كذلك في أي باب من أبواب شريعة الإسلام يقرر أنه لايُنتصر للمظلوم ولايؤخذ على يد الظالم سوى بانتهاج طرق ووسائل تقدح في مسلمات وأصول شريعة الإسلام نفسها فيجابه الظلم بارتكاب الظلم وينكر المنكر بارتكاب مثله ...
ثم من يستطيع أن يفحمني بدليل من الشرع أنا أبناء الجنوب هم أهلي وإخواني وأن أبناء الشمال هم الأغراب أعدائي بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى يحددها شرع الرحمن ؟ ... وكيف لك أن تقنعني كي أؤمن أن الذي ولدته أمي تاركاً لما أمر ربي يجاهر بعداوة شريعة مولاي ويصف ثقات علماء ودعاة ديني بأوصاف الكذب وشتائم أهل النفاق أعلم يقينا كذب أقواله وقبح أفعاله هو أحب إلي وأقرب من الأفريقي الأسود ساكن أدغال التخلف والفقر مؤديا لما أمر الله قائماً في طاعته كما أرى وأنظر كما أمرني المولى بأن أحكم على الناس بما يظهروا دون التكلف في معرفة سرائرهم ؟ كيف لي أقتنع بذلك ؟ يامن تنادي ليل نهار على فلان وعلان أن يكونوا مع عشيرته وأهلهم وبلدهم؟ فيا هؤلاء كفوا غيكم فما من عشيرة غير كل المسلمين وما من أهل إلا كل المؤمنين وما من بلد إلا كل شبر في الأرض طهره الله من أدران الجاهلية ...
وليس على غير هذا نسمع ونطيع ولو خيرنا ما خترنا غير شرع رب العالمين ، قل هاتوا برهانكم فعلماء الأمة الربانيين يملئون ساحت الأرض فدعوهم يفتوننا بما تدعون ستجدوننا أول المناصرين والمنتصرين ..وإلا فكفوا عنا ألسنتكم وأقلامكم فلله الأمر من قبل ومن بعد .