ساحة شبوة ... شعور البداية والنهاية

إنها شبوة تلك المحافظة النائية المترامية الأطراف  الكبيرة المساحة الضاربة في أعماق التاريخ .شبوة التي تدر على ميزانية الحكومة ليس حليباً فحسب بل عسلاً صافياً راقي المذاق كسل جردان الذي تغنى به أبوبكر سالم بلفقيه شبوة التي عانت الحرمان من النظام السابق كغيرها من محافظات الوطن فاتسعت رقعت الفقر وازدادت نسبة  البطالة وعلاوة على ذلك فنظام المخلوع مارس التحريش والتحريض  بين أبنائها فاندلعت الحروب وقامت الثأرات التي فتكت بالمحافظة فغابت عنها أبسط مظاهر التنمية .

وجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل  كان زهوقاً .جاء الربيع العربي ليطيح بالأنظمة الديكتاتورية والمستبدة ولم يتخلف اليمنيون عن الركب فأوضاعهم مقارنة بأشقائهم العرب الأتعس والأسواء  فانفجرت ثورة الشباب الشعبية السلمية مطالبة صالح بالتنحي فكان أبناء شبوة في طليعة الثائرين حيث  خرج أبنائها في مسيرات ومظاهرات تطالب بإسقاط النظام الذي أفسد أخوتهم وفي 11/3/2011م  نصب أبناء شبوة أول خيمة في ساحة التغيير بالعاصمة عتق وهاهي اليوم ساحة الأحرار ترفع خيامها بعد أن لعبت دوراً كبيراً وهاماً على الساحة الثورية  وبين البداية والنهاية مشاعر وأحاسيس.

وفقني الله فكنت من الأوائل في هذه الساحة فعملت مع غيري من الشباب في لجان النظام وكانت لجنتي هي أول من حرس الساحة وأشرف على حمايتها وسهر على الحفاظ عليها وكانت لجنتي آخر لجنة نظام تعمل في الساحة أسأل الله أن يكتب لي  الأجر بعد أن كتب لي الشرف فالشعور بين هاتين اللحظتين متباين كثيراً فشعور البداية الخوف والقلق خشية أن تتعرض الساحة للأذى ممزوجاً بالحماس والروح العالية وحب التضحية في سبيل الوطن الغالي وأهداف الثورة العظيمة وشعور النهاية الفرح والسور بلذة النصر وتحقيق الهدف الأول للثورة –الإطاحة برأس النظام-الذي أذكى الفرقة والاختلاف  بين أبناء الوطن الواحد ونشر الفوضى والفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة وجمع له ولعائلته الكنوز والأموال حين يصارع الكثير من المواطنين لقمة العيش.

اندفع أبناء شبوة رغم التباين الجغرافي والقبلي وانتشار الصراع والثأر بين الكثير من أبناء المحافظ بفعل سياسات نظام المخلوع إلى ساحة التغيير بشكل كبير واضعين خلافاتهم وسلاحهم وراء ظهورهم وفي بيوتهم ينشدون الدولة المدنية دولة المؤسسات والقانون الذي طالما حلم اليمنيون بها منذ زمن بعيد فذات يوم اجتمع في الساحة وفدان من القبائل المنظمة للثورة بينهما ثأر وصراع شديد فأوقد إبليس ناره بيد أنها لم تشتعل حيث تدخلت قيادة الثورة بالساحة وأوضحت أن معركتنا الحقيقية مع المخلوع الذي أجج هذه الصراعات ويهمه كثيراً أن تستمر ليبقى هو في الكرسي ويستمر وعلى هذا الأساس لم ترق بين الوفدين قطرة دم وهذا بفضل الله ثم بفضل الثورة.ومن المظاهر المتجسدة بساحة شبوة التلاحم الكامل والتام مع أهداف الثورة والساحات الأخرى فما أن تتعرض أي ساحة من ساحات الجمهورية للإعتدى أو الأذى   حتى يتألم ثوار شبوة وكأن المصاب مصابهم فيبتهلون بالدعاء فرادى وجماعات.

ومن خلال الساحة أستطاع ثوار شبوة بالتعاون مع الشرفاء في المحافظة وعلى رأسهم المحافظ الأسبق د/ علي الأحمدي أن يحافظوا على محافظتهم من السلب والنهب والفوضى والتدمير والتخريب لتكون شبوة مناراً يحتذى بها في مسيرة الثورة ومدرسة يتعلم منها الآخرون كيف يحترم بعضهم بعضاً وكيف يتعاون الجميع لتحقيق المصالح العليا بعيداً عن الحسابات الآنية والضيقة.

بعد أن رفع ثوار شبوة ساحتهم لما اتضح لهم من نجاح كبير أحرزوه خلال الفترة السابقة وان مطالب شبوة اليوم أضحت أكثر خصوصية من ذي قبل في ظل فساد ينهش جل إداراتها إن لم تكن كلها وهذا يتطلب أن تنتقل الجهود خارج إطار الساحة حتى يعم التغيير المحافظة ويلمس المواطن الشبواني شيئاً من التغيير وسيقول المرجفون كما قال أسلافهم من كلام مكرر لا يستسيغه عقل ولا يهضمه ذو لب وليس من غرض له غير تشويه صورة الثوار الناصعة البياض والانتقاص من المجهود الكبير الذي بذله الثوار خلال عام ونصف العام.

وختاماً لا يعني رفع الساحة في شبوة انتهاءً للعمل الثوري فيها فالعمل الثوري بدأ في شبوة قبل أن تقام الساحة وسيستمر بعد رفعها حتى تتحقق جميع المطالب الثورية التي ينادي بها أبناء الوطن وهذا يعني أن الساحة قد تعود إذا دعت الحاجة ولزم الأمر.

بقلم : عبدالواسع الملجمي

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص