أطفالنا الصغار عندما يمرون من أمام ناظريّ يلعبون ويتراكضون ويتضاحكون يطرأ بخلدي خاطر مفاده كيف سيكون مستقبل هؤلاء البرءاة ، وما الغد القادم الذي ينتظرهم أهو خير مما نحن فيه أم تراه شراً ؟؟
من ناحية التقدم التكنولوجي وانفجار المعلومات وثورة الاتصال حتماً سيكون الصغار أبرع منا في التعامل مع التقنية القادمة ، وفي نفس الوقت سيكونون أبرز المستفيدين من إيجابياتها ومن أبرز ضحاياها كونهم سيصبحون على خط نارها الأول .
بنظرة فاحصة على مقاهي النت ستجد الصغار يتهافتون على دخولها لاعبين بألعاب الخيال الافتراضي ، وكم تفاجأت ذات مرة حينما رأيت طفلاً في السابعة من عمره يجلس بهدوء في إحدى مقاهي الإنترنت وقد أشهر شاشته بإحدى ألعاب الإنترنت في وقتٍ بعد صلاة العصر ، الوقت المحوري للصغار الأنسب للعب واللهو وممارسة الهوايات والجري ، رأيت الطفل وقد اكتنز جسمه باللحم والشحم من قلة الحركة ودوام السكون ، سألته : لماذا لا تلعب الكرة في هذا الوقت الجميل ، لم يجبني مطلقاً ، واكتفى بنظرة رامقة لأنني قاطعت نشوته أمام شاشة الحاسوب وعاد لأجوائه الخيالية.
كثرة المكوث أمام الحاسوب له مضار معروفة ، والطب أشاح عنها اللثام وبيّن خطرها على الأطفال خاصة ، بل وجعلت الشبكة العالمية عقولهم منفصمة عن العيش في الواقع إلى التحليق في فضاءات الخيال اللا واقعي ( الافتراضي ) ، وبنظري هنا تكمن الخطورة القاتلة ، فالطفل الذي سيغدو غداً شاباً يافعاً يُعهد إليه تغيير واقعة البائس كيف سيفعل وهو في الأصل لم يعش واقعة بكل تفاصيله ومفصلاته ، فضلاً عن أن يكون مساهماً في التغيير الجذري .
الصغار لا يدركون خطر ما هم عليه ، ولذا نرى أجدادنا يطلقون عليهم ( البهائم ) ، وبتقديري سيدركون غداً حجم الضرر الذي أصابهم في حال إدمانهم على الإبحار اللا متناهي في عوالم الخيال ، ولكنهم حتماً لن يسامحوا من ألقى لهم الحبل على الغارب ، وشجعهم على ما هم فيه من غي بالمال والوقت وترك المحاسبة والمتابعة وسيظهر ذلك في موجة قادمة من التمرد على كل شيء بدءاً بالثوابت والقيم وحتى الأخلاقيات والتعامل مع من هم أكبر منهم سناً ، الأمر الذي نشهد آثاره بادية من الآن ، ومن ينكر فلينظر كيف وصلت مؤشرات تردي وتدني أخلاق الصغار والشباب وتعاملهم مع محيطهم المجتمعي .
بقلم : أحمد عمر باحمادي