ربما هو سؤال غريب، ولكن يجب أن يطرحه كل واحد منا على نفسه.. ربما الكثيرون سيجيبون بالنفي، لأن مفهوم الإعاقة لديه هي من يفقد حاسة عظيمة من حواسه، وحتى يكون معاقاً يجب أن يفقد حاسة السمع أو البصر أو النطق أو القدرة على المشي وغيرها .. لأن الكلمة الدارجة (معاق) هي المفرد التي يتداولها الكثير في هذا الجانب .
وأنا هنا أبث تحية إجلال وإكبار لكل واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي تخطى محنته وتجاوزها بكل ثقة وشجاعة، وتحداها وأثبت لنا نحن الأصحاء أنه أفضل منا في كثير من الجوانب، ونبغ في أمور عجزنا عن القيام بها .
إذن فلنعد لسؤالنا : هل نملك إعاقة رغم أننا في الظاهر أصحاء ؟!
القضية هنا لا تكمن في أن نفقد حاسة ونعمة من نعم الله لنكون معاقين، ولكن ألا تتفقون معي بأننا أحياناً نصبح معاقين.. معاقين فكرياً، اجتماعياً، عاطفياً، علمياً ... فالذي يفتقد إلى التفكير السليم ويتعصب لرأيه وفكره دون أن يستمع إلى الرأي الآخر؛ أليس معاقاً ؟! والذي يتخذ الوسائل الخاطئة للوصول لهدفه وطموحه؛ أليس معاقاً ؟! والذي يفتقد فن التعامل مع الآخرين ولا يعطي للأعمار والقدرات حقها؛ أليس معاقاً اجتماعياً ؟! وكل من لا يقدر أن يكسب مودة ومحبة واحترام الآخرين ماذا نسميه ؟!!
كذلك من لا يكترث بمشاعر وعواطف وأحاسيس الآخرين، ويتعمد جرحها والإساءة إليهم بالتعالي والاحتقار والازدراء؛ أليس معاق عاطفياً !
ومن رضي بالجهل ولم يقبل على العلم وتثقيف نفسه بالوسائل المتاحة، وضع نفسه من الزاد العلمي؛ ألا يعتبر معاقا علمياً ؟!!
إذن هذه نماذج من القدرات التي خسرناها أو افتقدناها وعجزنا عن القيام بها، وربما نرفض مسمى (إعاقة) لأننا في قرارة أنفسنا نعتبرها أمراً طبيعياً، ولكن يجب على كل واحد منا أن يبحث في شخصيته وفي ذاته عن مكمن الضعف والنقص لديه الذي يعيقه عن الوصول للصواب والحق، ليعيد لنفسه ثقتها، وإذا عرف مكان العلة والضعف يبدأ بالعلاج .. علاج نابع من داخله حباً في التغيير، ربما يكون العلاج طويلاً ومضنياً وشاقاً، ولكنه في النهاية سيشفى، وليرى النماذج التي أمامه (من ذوي الاحتياجات الخاصة) كيف استطاعوا بهمتهم العالية أن يجتاوزوا كل العراقيل، وحققوا المستحيل في نظر الجميع، فجعلوا من المحال واقعاً رائعاً مشرقاً ..
إذاً فلنبدأ البحث ونبدأ بأول خطوات العلاج .
بقلم : أفراح قمصي