يقول الشيخ الفاضل والداعية المجاهد عوض بن محمد عوض بانجار ـ رحمه الله ـ في رسالته المختصرة (مذكرات من حياة داعية ) :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً وصلاة وسلام على إمام المرسلين وسيد الخلق أجمعين كما ينبغي ويليق له من صلاة وسلام وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن اتبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين .
وبعد فهذه وريقات ضمنتها أيام خاصة من حياتي وهي أيام عشتها في سجون الحكم الشمولي (الحزب الاشتراكي) أيام حكمه لجنوب اليمن . فقد ولدت بحضرموت بغيل باوزير وهي تابعة للمكلا ( حضرموت الساحل ) بينما هي الآن مديرية مستقلة ولدت عام 1366هـ "1945م" ولقد وافقتني النزعة الدينية منذ طفولتي حيث كنت أرافق أبي إلى المسجد وكان إماماً وحافظاً لكتاب الله رحمه الله رحمةً واسعة .
ولقد أحببت الدعوة إلى الله منذ وقت مبكر من حياتي وسرى حبها في عروقي وشراييني .
والدعوة تعني أنك تؤمن أنت بالفكرة إيماناً جازماً ثم تنطلق بعزيمة وحرقة قاصداً أن يؤمن الناس بما آمنت ويفهموا ما فهمت ولا تهنأ بطعام وما تغمض لك عين حتى ترى شريعة الله هي الحاكمة ودين الله هو المسيطر .
ولقد تعلمت وأنا في طريق الدعوة إلى الله أموراً كثيرة وخاصة ما تعلمته وأنا أتنقل في مدرسة يوسف عليه السلام من سجن إلى آخر .
ونحن نعلم جميعاً أن القصة الحدث في القرآن الكريم أهدافاً وعبراً ومن بين هذه الأهداف العبرة ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) .
ومنها التثبيت ( وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك....) . إلى غيره من الأهداف والعبر .
ولهذا فأني لن أسرد أحداث السجن فقط ولكني سأستخلص من تلك الأحداث والعبر والدروس جرياً وراء طريفة القرآن الكريم من قصة للقصص وسرد الأحداث .
والآن أبداً أولاً بسرد أحداث السجون الثلاثة التي وقعت عليّ منذ عام 1400هـ "79" ففي حوالي عام 1396هـ بدأت الدعوة إلى الله ما بين غيل باوزير والمكلا في المساجد ودروس خاصة في بيتي والتف الشباب حولي وفي عام 1399هـ , كنت أعقد حلقات في مسجد من مساجد المكلا عصراً إلى قرب آذان المغرب وفي مسجد آخر من بعد صلاة المغرب إلى قيام صلاة العشاء مع أنني أدرس صباحاً في المدارس الحكومية فقد كان نشاطاً غريباً مباركاً وكانت السلطات الشيوعية غافلة عنا والأصل أن الله صرفهم عني وفي عام 1400هـ "1979م" تقريباً ذهبت إلى منطقة تسمى (حورة) بحضرموت الداخل في زيارة لأهل زوجتي التي كانت من حورة .
وفي حورة عقدنا حلقات في مسجد الجامع من بعد صلاة المغرب حتى قيام صلاة العشاء واحتشد الناس وجاءوا من القرى المجاورة ومن الضواحي وامتلأت ساحة المسجد الداخلي بالمسجلات وساحة المسجد الخارجية بالسيارات والسياكل النارية لتشوق الناس لسماع كلام الله وقد كُممت الأفواه وحورب الدين .
وذلك مما أزعج السلطات الغاشمة التي حارب كل ما يتصل بالدين من قريب أو من بعيد .
وما إن مر أسبوع واحد حتى اُستدعيت إلى مركز الحزب بجورة وسألني مسئول المركز فيما إذا كان عندي ترخيص بالوعظ والتدريس فقلت له ..... ............(وللحديث بقية إن شاء الله في الحلقة التالية).
بقلم : عبد الله بارشيد