أوراق فيدرالية (4)

كما أسلفنا في الأوراق السابقة ان الصراع المحتدم في اليمن اليوم وان كان مظهره السياسي هو الطاغي فان ذلك لا يخفي ان الخلاف الحقيقي حول الثروة والنفوذ هو المحرك الأساسي لنوازع السيطرة عند معظم القوى المتصارعة .

فبعد حديثنا عن توزيع السلطة –وان كان لدينا تفاصيل أكثر يمكن العودة لها لاحقا –نتحدث اليوم عن توزيع الثروة.

والثروة ليست كما يتبادر للذهن لأول وهلة (النفط والغاز) بل هناك ثروات أخرى كامنة في باطن الأرض كالمعادن الثمينة الأخرى – ذهب وفضه وزنك ونحاس وربما يورانيوم- وقد أعطت بعض الاستكشافات مؤشرات قوية على وجودها في عدد من المناطق اليمنية..

كما ان النفط والغاز موارد نافدة وفي نضوب مستمر حسب إحصائيات وزارة النفط والمعادن خاصة مع تعثر أي اكتشافات جديدة في هذا المجال او تطوير للحقول المنتجة حاليا.

على كل حال هناك موارد أخرى منها الإحياء البحرية والمنافذ الحدودية والمطارات والمواني وغيرها من المرافق الايرادية..

أضف الى ذلك الضرائب والرسوم التي تفرض على مختلف المنتجات الزراعية والصناعية او مقابل الحصول على الخدمات وهي أوعية ايرادية لا تقل أهمية عن الثروة النفطية او المعادن الأخرى...

بالنسبة للثروات في باطن الأرض .. يثور الجدل حول ملكيتها للأقاليم ام للحكومة الاتحادية وان كنا نفضل ان يكون النص على ملكيتها للأقاليم وتنضم القوانين الية استغلالها وتوزيع عائداتها كيفما يتفق على نسبة كل من الاقليم المنتج والمركز الاتحادي وبشأن النسب فانه في الغالب يكون للأقاليم أكثر من نصف عائدات الثروات المنتجة فيها وفي اليمن يدور حاليا الحديث عن 20% الى 40% للحكومة المركزية تقوم بتوزيعه على بقية الاقاليم وفق معايير اقتصادية محددة بالإضافة إلى النفقات الاتحادية على الجيش والخارجية والمرافق السيادية التي يُتفق على ان تكون من اختصاصات الحكومة الاتحادية. و هناك بعد أكثر أهمية في هذا المجال يجري بحثه بعمق حول الجهة التي ستدير الثروات من حيث عمليات الإنتاج وإبرام عقود الاستثمار والتفاوض بشانها ..والاتجاه يقودنا لإعطاء الأقاليم هذا الحق مع احتفاظ المركز بحق الاشراف والمراقبة عبر مفوضية خاصة تنشاء لهذا للاشراف على عقود انتاج وتصدير النفط والغاز والمعادن الثمينة وتوزيع عائداتها.

هناك تفاصيل مهمة ايضاً حول الاوعية الضريبية والرسوم الجمركية . . ففي الأنظمة المالية للدول الفيدرالية يكون للإقليم فرض ضرائب محلية في مجالات محدده بينما تفرض ضرائب على المستوى القومي يتم تحصيلها بواسطة المرافق الإقليمية المحلية وتوزع عائداتها بين المركز والإقليم وفقاً لمعادلة حسابية من شانها تشجيع الأقاليم على التنافسية بحيث يعطى الإقليم الأكثر تحصيلا لهذه الضرائب تفضيلات اكبر وامتيازات تفضيلية توسع من نشاطاته الإنتاجية مثل الضرائب على الإنتاج الزراعي او الصناعي مع الأخذ في الاعتبار حماية البيئة في الإقليم ..

هذه الضرائب القومية ونسب توزيع الثروة بين الاقاليم والمركز يمكن مراجعتها دوريا بواسطة القوانيين الاتحادية التي تصدر من مجلس الأقاليم (مجلس الشيوخ كما يسمى في بعض الدول) الذي تمثل فيه الأقاليم بالتساوي دون النظر لأي اعتبارات سكانية ويمكن أن يكون لكل إقليم حق الفيتو على أي قانون يمس مصالح هذا الإقليم أو ذاك بشكل يخل بالتوازن المتفق عليه في الدستور بشان مبادئ المشاركة الحقيقية في السلطة والتوزيع العادل للثروة ..بحيث تصدر القوانيين الاتحادية الأساسية بالتوافق الذي يحفظ حقوق كل الإطراف المشاركة في الاتحاد في أطار من التعاون والتكامل.

 بقلم الدكتور: متعب بازياد

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص