لا زلت اتذكر كلمة قالها محاضر مادة الإقتصاد قبل اكثرمن عشرين سنة وهو خبير في مجاله , كلمة ربما استنكرها الطلاب منه لأول مرة لكن بعد البيان أزيل اللبس وبان ما كان يقصده حيث قال: أنا إذا إستلمت مرتبي الشهري أوراق نقدية جديدة أبيت ليلتي مهموم ولكن إذا إستلمتها أوراق بالية أبيت فرحا , فاستنكر الطلاب قوله لكنه أجابهم بقوله أعرف من خلال العملة المطبوعة ان الدولة لجأت الى طباعة أوراق لتسديد عجزها النقدي وعلى العكس فإن الأوراق البالية تدل على أن حركة إقتصادية بالبلاد قد دارت دورتها وذلك مؤشر خير على النمو .
قبل عشر سنوات كان سعر الصرف 140 ريال مقابل واحد دولار , لكن اليوم 230 ريال مقابل الدولارالواحد . اظن ان في هذا كفاية لمعرفة مؤشر التنمية التي يتغنى بها من بيده الأمر والنهي , وأن المؤشرات تدل ان سعر الدولار سيصل إلى 250 ريال , فمالم يتدارك الأمر ويسمع لأهل الاختصاص في هذا المجال فالنماذج ليست قليلة لأخذ العبرة منها لإنقاذ ما يمكن انقاذه وتجنيب البلاد ما لا يحمد عقباه .
ثبات العملة مؤشر قوي للتنمية وبدون وجود خطط تنموية صادقة وآياد أمينة وبدون تشجيع رأس المال الأجنبي للأستثمار وأظن اننا في اليمن نملك خاصية إذ أن رأس المال الأجنبي يمكن ان يكون هو رأس المال المهاجر أو رأس مال اليمنيين في الخارج فالمطلوب هو استدعاؤه بشرط توفير الضمانات الكافية لتحقيق تنمية تخرج اليمن من عزلته التي فرضها على نفسه .
الطريقة البقشانية نموذج يحتذى به فأسأل الله ان يبارك له في ماله , مشاريع عملاقة تدر على البلاد عملة صعبة وفي نفس الوقت تشغّل اياد عاملة . كما ان اهتمام الرجل بالناحية العلمية وحضوره المتميز في كثير من الفعاليات يعطي بصيص أمل أن المستقبل واعد وان الخير قادم .
تصور معي لو ان باخرة وصلت لتفريغ حمولتها المتنوعة في ميناء المكلا مثلا كم ستحدث من حركة في البلاد فلو تتبعنا كمية من الاسمنت عفوا هذه المادة الأن تصنع محليا ولسنا بحاجة الى صرف عملة صعبة لجلبها من الخارج أظن اننا نأخذ مادة اخرى فليكن الحديد كم عاملا بالميناء تحركوا كم سيارة نقل اشتغلت كم صاحب بنشر, المطاعم المنتشرة بالطرقات , عمال يفرغوا الحمولة لتجارة الجملة , إعادة تحميل لمواقع البناء , عمال يقطعوا حسب الطلب للبناء وإذا كثر البناء تحركت جميع السلع .
أظن لو ان مشاريع عملاقة في المدن الرئيسية تبنى لما رأيت محتاجا يتسول وشعب اليمن شعب معروف بجلده وصبره , وحينها سيطمئن الناس على ارزاقهم وكل سيلهوا بما اتي من خير .