للأسف الشديد، فبعد مرور (20) عاماً على تحقيق الوحدة اليمنية، تصحو الدولة لتشعر أن الشعب يحتاج إلى جرعات كبيرة لتعزيز الانتماء وترسيخ الوحدة، ولكن بأي طرق ووسائل ستحقق ذلك ؟
هل من خلال تشكيل لجنة وطنية للتوعية، أم من خلال وضع ملصقات - وإن كان إجبارياً - على السيارات والمركبات ؟ هل من خلال أعلام صغيرة تباع في الجولات لتعلق في السيارات ؟ أتظن الحكومة أن تحقيق الانتماء سيتم من خلال تركيب أكبر علم في العالم في مدينة عدن اشترك مصنعان في الصين لتصنيعه، وبددت فيه ملايين الريالات ؟ أتعتقد أن تعزيز الوحدة سيتم من خلال إجبار أصحاب المحلات في عواصم المحافظات على تلوين واجهات أبواب محلاتهم بألوان علم الجمهورية أو تعليق العلم في المحلات ؟ هل سيتحقق ذلك بواسطة توزيع أكثر من (500) ألف علم على طلاب مدارس أمانة العاصمة فقط وإجبار جميع الطلاب على تعليق الأعلام على ملابسهم المدرسية ؟ أيظنون أن تعزيز المحبة سيتم من خلال اللافتات العملاقة أو الخطابات الرنانة الجوفاء ؟ هل أضحى كل من ليس مع الحزب الحاكم، وكل ناصح وناقد، مخروم الولاء ومشكوك في وحدويته ؟ هل أصبح النفعيون هم الوحدويون حقاً ؟!!
تضعون اليمن في جيوبكم وتريدونه في قلوبنا !! تسرقون خيرات البلاد والعباد، وتسكنون القصور الفارهة وتتكلمون من الأبراج، وتريدون المشردين والفقراء يخرجون بعد ذلك وهم يهتفون بالروح والدم !! تزرعون الفرقة وبذور البغضاء بأفعالكم، لتطالبون بعد ذلك بالمحبة بين الجميع .. تتملكون الأراضي الشاسعة والمساحات الهائلة لكم ولأبنائكم وأحفادكم وتكتبوا على مداخلها (هذا من فضل ربي)، وفضل الله على الشعب كبير لتقولوا بعد ذلك .
تريدون تعزيز الانتماء وتحقيق الولاء إليكم جزء من الوصفة البسيطة .
علقوا أيدي اثنين من كبار المفسدين على باب اليمن، انشروا أسماء ناهبي الأراضي في الجنوب الواردين في تقرير باصرة وهلال، وغيرهم في الحديدة .
عيشوا يوماً واحداً في بيوتكم بدون كهرباء وماء، اخرجوا إلى براميل القمامة ليلاً لتروها، عاملو معاملة حكومية بأنفسكم .. اسألوا عن حال اليمنيين في الخارج ..
هل نحن بحاجة إلى فرقة طيور الجنة لينشدوا عن الوحدة ؟ هل خلا بلد الإيمان والحكمة من علمائه ودعاته ليستدعى الأستاذ عمرو خالد ليحاضر عن نماذج الوحدة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم – مع تقديرنا وإعجابنا الكبير بالأستاذ عمرو خالد وفرقة طيور الجنة .. هل وصل الحال أن تحتفي بعض المواقع الإلكترونية بالفنان الشعبي المصري شعبولا (شعبان عبدالرحيم) بسبب أغنيته التي تقول (أنا بكرة الانفصال وبحب الوحدة) على غرار أغنيته (أنا بحبك يا حمار) .
صدقوني .. الشعب اليمني لا يعاني جفاف في المشاعر، ولكنه يعاني جفاف في الجيوب والفلوس، الشعب افتقد الأمن والأمان والعدل والمساواة .. الشعب لا يطالب بفك الارتباط بين أفراد اليمن الموحد، ولكنه يطالب بفك الارتباط بين المسئولين والفساد والقلة المتخمة الفاسدة .
لسنا بحاجة لاستمرار صراعات الماضي لتأكيد صوابية الوحدة، فالوحدة هي الأصل، لكننا بحاجة لتحقيق نجاحات في الحاضر ..
أخيراً .. أعيدوا للوحدة بريقها وألقها، بالأفعال والأعمال، لا بالأقوال والتصريحات ..