نحن أمام حالة غريبة في اليمن مستعصية على
الفهم والوعي والعلاج ... وكما يقول المثل:" آخر العلاج الكي" وأعتقد
كما يتفق الكثير معي أننا وصلنا إلى هذه المرحلة .
نحن أمام طاغية لا يؤمن بالحوار، ولا يفي
بالوعود .. يغدر .. يقتل.. . ويسفك الدماء .. ثم يظهر ليكذب ، يناقض القيم .. ويقتل
الأعراف .. ويخادع نفسه .. ولا يتورع عن السير في جنازة ضحيته.
لقد اثبتت الأحداث
الأخيرة مجموعة من الحقائق :
1- أن الثوار في ساحات التغيير بقيادة
الشباب سطروا أجمل الملاحم في الصمود والتضحية وسلمية الثورة لبقائهم قرابة أربعة
الأشهر دون كلل او ملل وبصدور عارية إلاّ من الإيمان بقضيتهم .
2- اللقاء المشترك كان يحسب للأطراف
الخارجية والمتغيرات الأخرى حسابات كثيرة
وللخروج بأقل الخسائر- ومع نظرتنا بأن حكمة الشيوخ في أحيان كثيرة لا تناسبنا
معاشر الشباب – لكن ذلك عرى النظام خارجيا وأفقده السند والغطاء ، لكننا نقول الآن
وبصوت عال للمشترك : لم يعد مسموح لكم أن تمنحوا للمجرم فرصة ولا للقاتل ضمانة.
3- المواجهات الأخيرة بين أتباع الشيخ صادق
الأحمر وقوات صالح أثبتت أن القوة التي يغتر ويفتخر بها صالح كالحرس الجمهوري
والمركزي والنجدة والطيران الجوي ما هي إلاّ نمر من ورق انهارت سريعا أمام رجال
القبائل حيث استطاعوا أن يسيطروا على ثمان وزارات في أكبر أحياء العاصمة صنعاء – الحصبة-
في أقل من ثلاثة أيام بل ووصلت المواجهات إلى مطار صنعاء لولا أنها توقفت بسبب
الوساطات ! ، وسيطرت قبائل أرحب على ثلاثة معسكرات للحرس الجمهوري الأكثر تسليحا
وعتادا بالإضافة إلى ثلاث طائرات.
4- نحن أمام رئيس جمع خصال الشر فهو لا
يتورع عن قتل الوسطاء وله في ذلك تأريخ (وساطة علي محسن ، وسطاء بيت الشيخ الأحمر،
الشبواني في مأرب ...) لا يوفي بوعوده ( المبادرة الخليجية ، الاتفاقات التي وقعها
مع معارضيه ) مستعد للعيش فوق الأشلاء والدماء ( مجزرة الجمعة الدامية في صنعاء ،
اقتحام ساحة الحرية بتعز، تصفية الخصوم والمعارضين) يستخدم أحقر الأشياء لتحقيق
مصالحه والنكاية بمنافسيه ومعارضيه (تسليم زنجبار لعناصر متطرفة ، محاصرة سفراء
الخليج والأوربيين والأمريكيين ، والتلويح بالقاعدة في الانتخابات الرئاسية ضد بن
شملان) يكذب حتى يصدق نفسه ( الوعود الانتخابية ، حشود الجمعة لمناصريه ،
المقابلات التلفزيونية) .
5- أثبتت الأحداث خلال السنوات الماضية أن
هذا النظام لا يتفاهم إلا مع القوي ولا يلتفت إلاّ للعصا ، خرج الحراك السلمي في
الجنوب وقتل منه الكثير ولم يأبه به النظام ، فلما رفع البعض السلاح هنا بدأ
النظام يعترف بالقضية ، ولما رفع الحوثي السلاح حاورته الدولة كند ، وعندما تلوح
القبائل بالصميل للدولة هنا يتحول النظام إلى حمل وديع.
6- لم يحصل إجماع ضد هذا الطاغية كما يحصل
اليوم (الشباب ، العلماء ، الأحزاب ، قادة الجيش ، الحراك ، الحوثيين ، المشترك ، مشائخ
القبائل ، والخارج ،...) وهذا مصدر قوة كبير للثورة والثوار .
أخيرا فإن طول البقاء في الساحات سيفقدنا كل
يوم الكثير .. وإلى متى ؟ لا ندري ..
على الشباب أن يظلوا في الساحات ، وعلى
القبائل والمجلس العسكري المنضم للثورة أن يحسم الأمر ، فلا مجال للانتظار والبقاء
وسيختصر الوقت والجهد وسيوفر الكثير من الأرواح ويجنبنا الأخطار والشرور التي لن
يتورع هذا النظام عن فعلها.
فلتهتف الحناجر "الشعب يريد إسقاط
النظام" وليكمل الآخرون مشوار الخناجر ولينهوا الفصل الأخير.
* من ماليزيا