لنتعود على التسليم بقضاء الله وقدره

في مثل هذه الأيام العصيبة والظروف المخيفة التي تمر بها البلاد من شبه توقف للحياة عامة واختلاق للأزمات وسوء الأحوال المعيشية للناس .. لابد من التوقف والمراجعة للنفوس فنحن مؤمنون بقضاء الله وقدره ولكن يجب أن نعوّد  أنفسنا على الرضى والتسليم مع عدم اليأس من رحمة الله ، فكان السلف يقولون كنا نتعلم الإخلاص كما نتعلم العلم أي يمارسون الإخلاص باستحضارهم للنيات في كل عمل كبيرا كان أو صغيرا .

 

فماذا تفعل أخي إذا لم توطن نفسك على الإيمان بقضاء الله وقدره هل تتخذ في الأرض نفقا أو سلما في السماء

 

فالحل : الرضى والتسليم وماجا به الله حيا به ونحتسب الأجر عند الله (قل لن يصيبنا إلاّ ماكتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) .

 

فهذا نبي الله أيوب عليه السلام ابتلاه الله بفقد ماله وولده ثم ابتلاه بمرض شديد في جسمه استمر (18) سنه فرضي وصبر واحتسب  ودعا ربه فاستجاب له وعوضه فكشف مابه من ضر وفرج الله عنه .

 

( وايوب اذ نادى ربه أني مسني الضر وانت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا مابه من ضر وآتيناه أهله رحمة من عندنا وذكرى للعابدين ) .

 

قال الإمام الشافعي :

 

دع الأيام تفعل ماتشاء               وطب نفسا إذا حكم القضاء

 

ولاتجزع لحادثة الليالي               فمـا لحوادث الدنياء بقــــاء

 

وإذا نزل القضاء بأرض قوم           فلا أرض تقيــــــــه ولاسماء

 

 

 

بترت رجل عروة بن الزبير ومات ابنه في يوم واحد فدعا ربه قائلا:

 

الحمد لله إن كنت أخذت فقد أعطيت ومنحتني أربعة من الأبناء وأخذت واحدا وبقي ثلاثة (فجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) .

 

والصحابية أم سليم رزقها الله ابناً وحيدا فمات وجاء زوجها أبو طلحة من سفر في نفس اللحظة فرضيت وابتسمت وتفاءلت وقضى ليلته معها وأصاب منها مايصيب الرجل من زوجته وبعد ذلك أخبرته بوفاة ابنه فصاح وغضب وراح يشتكيها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ففاجأه الرسول بقوله (بارك الله لكما في ليلتكما ) فولدت غلاما فأرسلته إلى رسول الله فحنكه ومسح على وجهه وسماه عبدالله ثم عوضها الله بسبب رضاها وصبرها تسعة من الأولاد كلهم قد حفظ القرآن .

 

 وهكذا تتعاقب الأجيال هذا الرضى والحب والثقة في الله في كل زمان ومكان فهذا الدكتور محمد عمارة يقول حينما ضربت اسرائيل غزة واستشهد عدد كبير في الضربة الأولى إهتزيت وارتكبت ودارت بي الأحزان والظنون فاتصلت بغزة فيا ترى هل من أناس على قيد الحياة فصادفت مكالمتي أحد المرابطين على الثغور فصحت بأعلى صوتي كيف أنتم ؟ كيف أحوالكم؟ عاملين آيه ؟ فرد علي ّ بكل يقين واطمئنان (هذا ماوعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ) حسبنا الله ونعم الوكيل فارتفع عندي سقف الإيمان وتحولت من منهزم إلى منتصر ....

 

بل أني مارست ذلك بنفسي عندما انقلبت بنا سيارة ومعي بعض أهلي اسودت الدنيا في وجهي وحصل لي شيء من التبرم والضجر ولكن غالبت نفسي وأخذت قلمي وكتبت عنوان فوائد من الحادث فكتبت أحد عشر فائدة ودرس فتحولت النقمة إلى نعمة والزائد عندي والحمد لله .

 

وبعد كل هذا نسمع من هنا وهناك بعض اليأس والتضجر والفتور من بعض شباب الثورة مثل تأخر النصر وإلى متى الحسم ولماذا لا يتم الزحف والسبب هو فلان وعلان ولو عملنا كذا ماحصل ذاك .

 

نقول : ياشباب إعلموا أن النصر بيد الله وليس بأيديكم (وما النصر إلا من عند الله ) ولا ينصر الله إلاّ المؤمنين به الصادقين للقضية (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ) فلا تناطحوا الجبال ولاتطحنوا الدقيق وثقوا بنصر الله .

 

فعلينا أن نحمد الله على كل حال ونشكر مولانا لكي نسعد في دنيانا وآخرانا واذا لم نفعل ذلك فالبديل هو السخط والتضجر والاعتراض والرفض ثم خسارة الدنيا والآخرة والعياذ بالله (فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط ) فالمؤمن يحول الخسائر إلى أرباح واليائس يجعل من المصيبة مصيبتين .

 

ف(اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص