ذكر التنوخي أن أحد الوزراء في بغداد وسماه بالاسم إعتداء على أموال امرأة عجوز فظلمها وسلب حقوقها وصادر أملاكها فذهبت تشتكي من ظلمه وجوره إلى كل المحاكم والنيابات ولكن دون فائدة فلما قابلته في أحد الأيام قالت له إما أن تعيد لي حقوقي أو لأدعون الله عليك فأخذ يضحك منها ورد بإستهزاء قائلا وعليك بالثلث الأخير من الليل .. فذهبت وداومت على قيامه وماهي إلاّ بضع شهور إلاّ وألقي القبض عليه بسبب فسقه وفساده وحكم عليه بالجلد أمام الملأ في سوق بغداد فمرت به العجوز وهو يجلد قائلة له أحسنت لقد وصفت لي الثلث الأخير من الليل فوجدته أحسن مايكون .
وهكذا فإن الدعاء هو السلاح الرباني الأقوى من كل الأسلحة المادية عسكرية أو نووية يفهم ذلك ويخافه من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
فحينما دعا خبيب ابن عدي على أبي سفيان وهم في ساحة الإعدام وقال (اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا انبطح أبو سفيان وبعض قومه من شدة خوفهم من دعائه وحتى لا تصيبه الدعوة وفعلا أصابتهم جميعا دعوة خباب إلاّ من نام على الأرض .
وذكر الشيخ كشك انه عندما وقف سيد قطب أمام المشنقة قبل إعدامه بقليل رفع يديه إلى السماء ودعا بدعوة سيدنا نوح (ربي إني مغلوب فانتصر ) فلم يمر عام واحد إلاّ وغادر معظم المجرمين ممن كانوا في الساحة يضحكون ويمرحون يومها وعلى رأسهم حمزة البسيوني وشمس بدران وقتلوا شر قتله .
وشعب اليمن وثواره شاهدوا بأم أعينهم ماذا فعل الدعاء بأصحاب النهدين بعد دعاء جمعة نصر ة محرقة تعز كان الجزاء من جنس العمل حرقوا فحرقوا ومع ذلك أمهلهم رب العزة والجلال ولكن لايبدوا في الأفق توبة وإنابة إلى الله .
فمالكم أيها الثوار وكل الشعوب المظلومة غير هذا السلاح القوي والقريب (فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) والله يحب الرجل الملحاح أي الذي يلح في الدعاء .
وماعليكم إلاّ اغتنام الدقائق الغالية في الثلث الأخير من الليل الذي يتنزل الله فيها إلى السماء الدنيا ويقول (هل من سائل فأعطيه , هل من مستغفر فاغفر له , هل من داع فأجيبه)
فإليه تمد الكف في الأسحار والأيادي في الحاجات والأعين في الملمات والأسئلة في الحوادث .
أما من أختارهم ربهم في رحمته فهم ليسوا شهداء فحسب وإنما هم سادة الشهداء كما يسميهم الدكتور طارق السويدان لأنهم لم يكونوا حريصين على قتل أحد ولاإيذاء أحد قتلوا فقط لأنهم قالوا كلمة حق أمام سلطان جائر فهم سادة الشهداء وسيحشرون مع حمزة سيد الشهداء .
اللهم أزهق الباطل بفيلق من الحق ورد كيد الظالمين بمدد وجند من عندك مسومين فأنت ولينا فنعم المولى ونعم النصير ..