قراءة في ( مفاجأة ) الرئيس

استمع اليمنيون مساء الجمعة 21 مايو ، والمهتمون عموما للمفاجأة التي تحدث الرئيس عنها قبل إعلانها ، وقد تضمنت المفاجأة ثلاثة عناصر:
أولاً : دعوة جميع القوى الوطنية للحوار تحت سقف الدستور والوحدة وعلى أساس اتفاق فبراير 2009 وهذه في الواقع استجابة لأحد مطالب اللقاء المشترك التي بقيت السلطة ترفضها وتصر ان يكون الحوار بين المؤتمر والمشترك فقط مع استبعاد الآخرين وخاصة المستقلين في لجنة الحوار الوطني ، وجاءت دعوة الرئيس  مشروطة بعقد الحوار تحت مظلة مجلس النواب أو مجلس الشورى وهذه كانت احد خيارات السلطة من قبل ويرفضها المشترك كون الأغلبية في المجلسين محسومة للمؤتمر وقد أشار الدكتور عبدالرحمن بافضل  رئيس الكتلة النيابية للتجمع اليمني للإصلاح إلى هذا المعنى في حواره مساء 19 مايو 2010 مع قناة سهيل الفضائية اليمنية ، وتلك أغلبية لا يخفى على احد كيف حصل عليها المؤتمر بما في ذلك المؤتمر نفسه ، واشترط  الرئيس في مبادرته عدم وجود شروط لبدء الحوار، وكان من أهم الشروط التي يشترطها المشترك الإفراج عن المعتقلين السياسيين وقد فعل الرئيس كما سنشير في النقطة الثالثة . ودعوة الرئيس هذه  للحوار اعتقد أنها ستمثل دفعة لعربة الحوار ، وستخرج نتائج الحوار عبر مجلس النواب أو مجلس الشورى أو كليهما بعد الاتفاق عليها بين المتحاورين الرئيسيين ، وذلك مثلما خرج اتفاق فبراير بطبعته الرسمية من مجلس النواب .
ثانياً :  دعوة الإصلاح والاشتراكي والوحدوي الناصري والبعث العربي الاشتراكي ـ وهي الأحزاب  التي لها نواب في مجلس النواب ـ للمشاركة في حكومة وطنية على أساس نتائج الحوار ، وخص الرئيس ( شركائنا في الوحدة ) قاصدا الاشتراكي  و ( شركائنا في الدفاع عنها ) قاصدا الإصلاح .
ثالثاً :   الإفراج عن المعتقلين من الحوثيين والحراكيين في لحج وأبين والضالع ، والملاحظ هنا عدم وجود حضرموت بالرغم انه لا يزال ، رغم إفراجات ابريل ، هناك معتقلين محكوم عليهم في مقدمتهم احمد محمد بامعلم ، والإفراج هذا يعني توقف المظاهرات المطالبة بالإفراج عنهم وهي المظاهرات التي تدفع بمزيد معتقلين وبالتالي مزيد تظاهر .
       الرئيس قد يكون حصل على موافقة مسبقة من اللقاء المشترك على هذه المبادرة رغم ما يبدو أنها تتضمنه من محاذير وأبرزها أن إشراك المشترك ـ ممثل في أحزابه في البرلمان ـ قد يؤدي إلى إشراكه مع المؤتمر في تحمل وزر الوضع السيئ بحلول الموسم الانتخابي القادم ، وهذا بالمناسبة يحرص عليه المؤتمر فعقب انتخابات  النيابية 1997 عرض الرئيس على الإصلاح المشاركة في الحكومة ولكن على أساس برنامج المؤتمر الانتخابي ورفض الإصلاح العرض . وإذا تأملنا حكاية الحكومة المقترحة نجد ان حكومة من هذا النوع تتضمن عدة فوائد :
أولها : حكومة من هذا النوع ضمان مهم لنزاهة الانتخابات القادمة وهذا هو الأهم والضمانة مطلوبة لتنفيذ نتائج الحوار الذي سينصب على شروط معايير نزاهة الانتخابات وسيكون للضمانات الصوت العالي بعد الاتفاق ليأتي تشكيل حكومة ائتلافية ثلاثية كضمانة وستكون حكومة انتخابية بدرجة أساسية .
ثانيا : حكومة يشارك فيها الاشتراكي تعزيز للوحدة الوطنية التي تتناوشها الرياح ، وهذا قد يدفع الاشتراكي لرفض المشاركة كونها ستفقده أوراق مهمة أو ستدفعه عبر المشترك لتشديد شروطه في المشاركة وسترضخ السلطة لإدراكها لأهمية مشاركة الحزب الاشتراكي في الحكومة في هذه المرحلة . وإذا رفض الاشتراكي المشاركة فهذا معناه بقاء معظم جسم المشترك خارج السلطة وبالتالي صعوبة تشويهه لان الإصلاح فقط مشارك في الحكومة مع ان هدفه من المشاركة معلوم سلفاً
وهناك مخاطر ..
أولها مصير اللقاء المشترك : قد يقول البعض ان وجود بعض أحزاب المشترك في الحكومة قد يفككه  ، وهذا ما تحلم السلطة به منذ سنوات ، ولكن أقول ان هذا غير وارد لان المشاركة لا تعني فض اللقاء المشترك بل ستكون وسيلة إضافية للمشترك لتحقيق هدفه الرئيسي في نزاهة الانتخابات وحريتها ، بل ان بقاء بعض أحزاب المشترك خارج الحكومة أفضل بحيث تقوم بدور المشترك الراهن في المعارضة مع ان وجود أحزاب منه داخل السلطة لا يعني الرضاء بالأخطاء والسلبيات .
ثانيها سمعة المشترك والقول أنهم طلاب كراسي لا خدمة الشعب ، واقول :  كل شي لابد له من ضريبة و ضريبة تصدر تغيير المجتمعات من ارفع الضرائب قدرا وحجماً  ، وإرضاء الناس غاية لا تدرك والمستقبل كفيل ببيان ما قد يلتبس على بعض الناس فهمه هذا أولا ، وثانيا لدى المشترك والإصلاح منه على وجه التغيير في هذه المرحلة وسيلة إعلام فعالة بالإمكان الاستفادة منه في تفنيد التقولات والتخرصات التي ستأتي من ناس في السلطة وناس خارجها ، وثالثاً مشاركة المشترك في الحكومة سيوقف حملة التشويه التي تشنها السلطة ضده منذ زمن .
ثالثها نصيب المشترك من الحكومة  : قد يشترط المشترك لنفسه رئاسة الوزراء مثلما ان للمؤتمر الرئاسة ، والى جانب رئاسة الوزراء وزارات سيادية ووزارات غير سيادية ، فهم المشترك لن يكون فقط ضمان النزاهة ولكن خدمة أبناء الوطن قدر الإمكان ووقف عجلة الفساد أو إبطاء حركتها على اقل تقدير وستؤثر هذه المشاركة إيجابا على ممثلي المشترك في المجالس المحلية .
رابعها قد يقول البعض ان الوضع سيئ جدا والإيرادات متراجعة وبالتالي فان وجود أطراف من المشترك في السلطة أمر غير ذي جدوى ، وأقول ان أسعار النفط متقلبة وهي الآن مرتفعة ، وأفضل تغيير ممكن إحرازه للوطن هو من داخل آلة الحكم لا من خارجها المهم إخلاص النية وتوفر الإرادة والاستيعاب الأفضل للإمكانات المتاحة والسعي لخلق المزيد منها .
 وختاماً أتمنى ان تكون مبادرة الرئيس بمثابة ضوء في نهاية النفق المظلم المحشورة اليمن فيه وهي تحتفل بذكرى الوحدة المجيدة .
22 مايو 2010م
Mraham70@gamil.com
لمطالعة كامل الكتابات : مدونة مرعي حميد على خدمة قوقل

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص