سر الإخطبوط بول

تستهويني من الرياضة  ممارسة لعبة الشطرنج منذ زمن مرحلة التعليم الأساسي أوائل الثمانينات  زمن  بطلي العالم اناتولي كاربوف ومواطنه الروسي الذي تفوق عليه جاري كاسباروف ، أما كرة القدم فلا [ والناس في ما يعشقون مذاهب ] ، ولا أتابع أي نوع من أنواع المنافسات الرياضية و لا تستهويني متابعة أياً منها من خلال التسمّر أمام الشاشة ، إلا المباراة النهائية من كاس العالم ، وقد تابعتها هذه المرة  مثل عام 2006 ، وكنت هذه المرة اسباني الهوى من بعد هزيمة البرازيل وذلك لموقف اسبانيا الجيد ضد حصار غزة وللسياسة الجيدة التي ينتهجها رئيس وزرائها خوسيه لويس ثاباتيرو منذ انتخابه ، و قضية احتلال اسبانيا للمغربيتين مدينة سبته و مدينة مليلية قضية أكبر من ثاباتيرو  مثلما العلاقة التركية الصهيونية اكبر من اردوغان وغول ، وفي المقابل فأنا و بصراحة كاره لهولندا التي جاءت محاولات النيل من الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم من أراضيها ، ولدعمها المشاريع الهادفة إلى مسخ هوية المرأة المسلمة كالجندر والرياضة النسوية وغيرها وخصوصاً في اليمن و مما زاد الطين بله انه في يونيو المنصرم 2010 انتخب غالبية الهولنديين حزب الحرية المشهور برفعه شعار محاربة الإسلام والوجود الإسلامي في هولندا وقد سبق ان أثار زعيمه غيرت فيلدرز الكثير من المواقف المعادية للإسلام أهمها تأليفه لكتاب ( فتنة ) الذي يسيء للإسلام والقران ، وقد فاز حزبه في انتخابات يونيو بـ 22 مقعداً في البرلمان وكانت لديه فقط 9 مقاعد مما يمكنه من المشاركة في حكومة ائتلافية  ، وتحقق أملي بفوز اسبانيا بجدارة وبرزت هزالة الفريق الهولندي الذي لا يجيد سوى اللعب بخشونة و تضييع الوقت بإعادة الكرات من مسافات بعيدة إلى حارس مرماهم ، ولما قلت  ـ والمباراة مستمرة ـ حرام ان تفوز هولندا ، قال احدهم : لقد فازت على البرازيل ، فقلت : لعل البرازيليين استهانوا بهولندا فكان جزائهم الهزيمة كما  استهانت الأرنب بالسلحفاة  فسبقتها في الحكاية الشهيرة .
       كانت متابعتي لمجريات كأس العالم (المونديال ) مقتصرة على أخبار الرياضة التي احرص على سماعها ضمن نشرات قناة الجزيرة الرئيسية  ويكفيني أن أرى لحظات التسديدات الموفقة و أخبار المونديال الخفيفة ، وبالمناسبة كانت كل المؤشرات تؤشر إلى أنّ أيدي مصرية رسمية تقف خلف التشويش على بث الجزيرة للمونديال وذلك جزاء من الغيرة المصرية الرسمية من النجاحات القطرية على كل الأصعدة وخاصة السياسي منها . وفي الرياضة دروس للحياة العملية بعيداً عن الملاعب مثل أنّ التعاون أساس النجاح في إحراز الأهداف ، واستغلال الفرصة في وقتها تماماً وإلا فاتت وتبعها الندم ، وفهم الخصم وطريقة لعبه واستيعاب هذه المعرفة والاستفادة التامة منها ، وتبديل التكتيكات حسب حاجة الواقع  ولكن مع الحرص على الهدف المرسوم من البداية وبما لايتعارض مع اللعب ( النظيف ) ، ويبرز تماماً [ روح الفريق الواحد ] في كرة القدم بل هي ميدانه الأساسي ، ففي حال وجود هذه الروح لدى فريق ما كان نجاحه مضمون مالم يواجهه الخصم بذات الروح بين أفراده . وعدم اليأس والإصرار على بلوغ النجاح فهذه اسبانيا تفوز لأول مرة بكأس العالم .
   ومما شدني و أنا أتابع أخبار المونديال كآلاف والملايين من الناس تنبواءات الإخطبوط بول  وصدقها  من خلال اختيار الطعم الموضوع في صندوقين موشح كل منهما بعلم دولتي الفريقين اللذان سيتقابلان في المباراة القادمة وكان في كل مرة من المرات الثمان يختار الطعم الموجود في الصندوق الموشح بعلم الدولة التي كسبت المباراة  ، وبصراحة كان من هواجسي أثناء المباراة النهائية : كيف سيحسم الأسبان النتيجة لتصدق آخر تنبواءات الإخطبوط بالرغم من أنّ الأسبان كانوا ممتازين في التمريرات  الرائعة فيما بينهم وفي هجماتهم التي تقترب من المرمى الهولندي ولكنهم يفشلون في التسديد  ، عموماً وأنا أتابع المباراة النهائية كنت قد توصلت  قبلها إلى قناعة مسبقة حول تنبؤات الأخطبوط المذهلة  وفحوى القناعة أنّ سر صدقية توقعات الإخطبوط يكمن في التوفيق من الله ليرسل لنا نحن البشر رسالة فحواها أنكم أيها البشر رغم علمكم  وعقولكم وأدمغتكم الأعلى شأناً وخبرتكم  الواسعة إلا أنّ هذا الكائن  البسيط البالغ من الطول 50 سنتيمتر فاقكم في القدرة على التنبؤ بالرغم انه لا يفهم شي في قوة الفرق الرياضية ولا سجلها الكروي ولا... ولا ... وبالتالي عليكم أيها البشر ان تقلعوا عن غروركم وتتواضعوا لبعضكم البعض و لخالقكم ، وكما يُقال (( يجعل سره في أضعف خلقه )) فهذا الإخطبوط صدقت كل إنباءاته المسبقة بتوفيق  من الله  ، وهو لا يتحمل مسئولية هزيمة الفريق الذي ( أنباء ) أن الهزيمة ستكون من نصيبه ولا يحسب له كذلك انتصار المنتصر ، و لله المثل الأعلى فالله عز وجل يعلم بمن هو شقي ومن هو سعيد وهو لم يولد بعد . أحد الشباب ـ ونحن نتابع المباراة النهائية قال أتمنى ان لا تفوز اسبانيا حتى لا يعتقد أحد أنّ غير الله يعلم الغيب ، وتعليقي أنّ أمر الإخطبوط بول هو اقل بشكل هائل من ان يعرف أمر الغيب ولكنه توفيق الله القائل سبحانه وتعالى ((تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا )) .
وكذلك في توفيق الإخطبوط رسالة ، للذين أنستهم الدنيا الدنية الله ذي الجلال والإكرام فطغوا وعربدوا، رسالة  بقدرة الله الطليقة وبأنّ [ ربنا موجود ] على حد التعبير المصري ،  وهنا نجد  في هداية  هذا الاخطبوط مثال بسيط للغاية لقدرة الله  الخلاق العليم ، خفي اللطف و الألطاف ، مبدع الأكوان الهائلة الوسع والتكوين والإحكام والإتقان ، وما علينا إلا أن نقف لنسبح  مستجيبين لأمر الله تعالى : (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى )) لقد وفق الله هذا الإخطبوط ، ألا تتعرض أنت لتوفيق الله ببذل أسباب التوفيق  ، أما ذلك الإخطبوط لا يملك من الأسباب شي وهو يعيش في حوض مائي في المانيا  وعمره عامين ونصف  وصدق بنسبة 100% في تنبؤاته الثمانية و المتتالية  لدرجة أنّ بعض المراهنين استندوا إلى توقعاته  ، وبهذه المناسبة  الأخطبوط  هو حيوان بحري ذو جسم ناعم وثماني أذرع، ويسمى أيضا بالمجس . يحقن الأخطبوط سمًا يشل فريسته. ويبلغ حجم أغلب الأخطبوطات حجم قبضة اليد تقريبًا. أما الأخطبوط العملاق فيبلغ طوله 6م من طرف أحد الأذرع إلى طرف الذراع الثاني في الجانب الآخر من الجسم. و تعيش الأخطبوطات أساسًَا في بحر الصين والبحر المتوسط، وعلى امتداد سواحل هاواي وأمريكا الشمالية وجزر الأنديز الغربية. ويأكل كثير من الناس في تلك الأماكن لحم الإخطبوط. ليس للإخطبوطات أصداف، شأنها شأن الحبَّار والأسماك الهلامية، ولها غطاء متين للحماية يسمى الحجاب يغطي الجسم ويعطيه الشكل. تتصل الأذرع بالجسم بنسيج من الخلايا يوجد على قواعدها. وتوجد صفوف من العضلات المستديرة في الجانب الأسفل لكل ذراع حيث تعمل كأكواب ماصة. ويمكن لهذه المصاصات أن تتمسك بشدة بأي عضو. وإذا فقد الأخطبوط ذراعا نبت مكانها ذراع جديد. و للإخطبوط عينان، ويرى بشكل جيد، ويسبح الإخطبوط بسحب الماء داخل جسمه، ثم يعصر الماء إلى الخارج خلال فتحة في شكل أنبوب أسفل الرأس (سيفون). تحرك قوة الماء المبعد الحيوان إلى الخلف وفق قاعدة لكل فعل رد فعل مساوي له في القوة ومضاد له في الاتجاه . ويستطيع الإخطبوط أيضًا أن يفرز سائلا أسود من الأنبوب المذكور (السيفون). هذا السائل يشكل سحابة مظلمة تخفي الحيوان ليتمكن من الهرب من الضواري كالقرش. و عندما يتعرض الإخطبوط لخطر ويستثار من أحد فسرعان ما يغير لونه فيجعله أزرق أو بنيًا أو رماديًا أو أحمر أو أبيض بل مجردًا من اللون حتى يستطيع الانسجام مع ما حوله، وتضع أنثى الإخطبوط عنقودًا يحوي نحو 100,000 بيضة. ويلتصق البيض بالصخور ويفقس في شهرين تقريبًا. وترعى الأنثى البيض ولا تأكل خلال هذه الفترة. وتبدأ الصغار في الحصول على طعامها بنفسها بعد الفقس مباشرة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص