أراد زين العابدين بن علي ، وأراد حلفائه في الغرب ، من تونس مدرسة للتحرر من القيم والفضائل ، مدرسة لاستضعاف التدين والمتدينين ، حمل وديع ، مطيع ، منقاد ، لرغبات المعسكر الغربي ، ولكن أراد الله ، ثم أراد الشعب التونسي ، شيئاً آخراً ، فهاهي تونس اليوم مدرسة ، تأصلت فيها ، وتُشيع أجواء التحرر وقيم الاستمساك بقيم الانتصار من الظلمة ونُصرة الحق ، مدرسة تحررية للإنعتاق من نير الاستبداد والطغيان والتفسخ والارتزاق المستبيح لمقدرات الأمة لصالح القلة المتأصل الإجرام في ضميرها وعقلها ، و لتلك الملحمة التحررية نخصص رشفات 7 :
الأولى : عظيمة يا تونس عظيمة :
كم أنت عظيمة يا تونس ، كم أنت بديعة يا تونس ، أعظم بك شعب تونس ، شعب الإباء والشمم ، شعب الصمود والتصدي اليومي في وجه الطغيان وأذياله و أذنابه المرعوبة ومحاولاتهم للالتفاف على الثورة ، لقد ضربتم للشعوب العربية اكبر نموذج في النضال السلمي لإسقاط الجبابرة المعاصرين وكنس مخلفاتهم إلى مزبلة التاريخ ، لقد أنجز ذاك الشعب العربي العظيم ثورة تُضاهي الثورة الفرنسية الشهيرة صاحبة الكلمات الثلاث (الحرية ، العدالة ، المساواة ) لقد (( أحدثت الثورة الفرنسية تغييرات كبيرة في المجتمع الغربي بشكلٍ عام وفي نظام الحكم الفرنسي بشكل خاص ، وكانت لها آثار بعيدة المدى على بقية أوروبا أيضًا ، وقد أدخلت الثورة الفرنسية المُثُل الديمقراطية إلى فرنسا لكنها لم تجعل الدولة ديمقراطية ، ومع ذلك فقد أنهت الحكم المطلق للملوك الفرنسيين ، وجعلت الطبقة المتوسطة قوية ، وبعد قيام الثورة ما كان لأحد من ملوك أوروبا أو نبلائها أو أي جماعة مميزة أخرى، أن تنظر إلى سلطاتها كشيء مطلق أو أن تتجاهل مُثُل الحرية والمساواة.)) هكذا كتبت الموسوعة العربية العالمية وهي تعرّف بتلك الثورة ، وإذا كانت الثورة الفرنسية نبراس الغرب ونموذجه الذي احتذاه ، فلتكن الثورة التونسية نبراس الشرق ونموذجه المُحتذى المتألق .
والمطلوب اليوم من الشعب التونسي وقواه الحية ، هو الإصرار على إبعاد من بقي من العهد البائد عن منصة الحكم وإسقاط الحكومة المُعلنة و إرغام الوزير الأول على الاستقالة لأعماله و خطواته العملية ، هو ورفاقه من العهد البائد ، المثيرة للشك والريبة ، والمؤكدة استمساكهم بزمام السلطة ليكونوا هم من يقتطف ثمرة الثورة لا الشعب الذي صنعها ، مع الحفاظ على قائد جيش البر رشيد بن عمار إن استمر في تحييد الجيش ، وترك لبقية أوراق بن علي تتساقط و تتحات كورق الخريف ، مع وقوفه مع الشعب ان لزم الأمر، وله شرف كبير في ما مضى ، وينتظره ما بقي من دور وطني يُعلي كلمة بني وطنه المُفدى ، و المطلوب ـ وبدون تأخيرـ تكوين حكومة وحدة وطنية تضم كل ألوان الطيف الفكري والسياسي والنقابي التونسي وبرئاسة شخصية محايدة لها رصيدها ومواقفها النضالية ، وتتولى الحكومة مباشرة رفع العمل بالدستور الراهن وتمضي سريعاً إلى تشكيل جمعية تأسيسية من كل ألوان الطيف تضع مشروع دستور جديد لتونس ، وتعرضه للشعب في استفتاء عام تتولى إدارته لجنة للانتخابات والاستفتاء محايدة ووفق قانون مؤقت للانتخابات والاستفتاء جديد يعتمد نظام القائمة النسبية ، مع نسبة من مقاعد البرلمان للمستقلين ، من بعده تُجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وبصورة متزامنة وبمشاركة كل من يرغب من ألوان الطيف ، وفي ظل رقابة دولية ، فيضمن الشعب التونسي النجاح التام والمؤزر والنهائي للثورة التونسية ، مُلهمة الشعوب العربية في كل مكان عشعش فيه الطغيان وفرّخ .
الثانية : للعزة ثمن :
(78) شهيد أو أكثر تصدوا بصدورهم العارية ـ إلاّ من إصرارهم المتين على اقتلاع الدكتاتور والديكتاتورية ـ لرصاص قوات الأمن التي حاولت الاستماتة للحفاظ على حكم الطاغية ، شهداء أبرار قدمتهم تونس لتتفلت من استبداد وطغيان بن علي ، و بعض اضطرابات و آلام رافقت الثورة ، وأضرار طالت الكثير من الممتلكات على يد عصابات بن علي بعد فراره بجلده ، وفي ذلك الجو حاول البعض النيل من ثورة الشعب التونسي وتخويفه من عواقب ثورته والهشاشة المتوقعة لثمرتها و تخويفهم بمصير كمصير العراق بعد إسقاط صدام حسين ونظامه ، متناسين الفرق الكبير بين سقوط وسقوط ، سقوط على يد أعداء الشعب ، الطامعين في ثروته وأرضه ، وسقوط على يد الشعب صاحب المصلحة في السلطة والثروة ، إنه (( لابد للميلاد من مخاض ولابد للمخاض من آلام )) كما قال المفكر الإسلامي العملاق : سيد قطب ، وهذا ما كان في تونس ذات الفجر التحرري الوليد ، و كما قال سيد كذلك أنّ (( للعزة ضريبة ، ولكن ضريبة الذل أفدح )) .
الثالثة : إنجلى ليل بن علي و ولّت ليلاه :
أيقونة غدا بيت أبو القاسم الشابي (( إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر )) ، و مع هذا فإنا لو ذهبنا للبيت الذي يليه لوجدنا معناً إضافياً يخص ثورة شعبه الجبار : (( ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر )) فقد انجلى عن تونس ليلها الأليلِِ ، ليل الطاغية بن علي ، بصبح وما الإصباح منه بأمثل ـ على حد تعبير بيت قيس ليلى ، ومع بن علي فرت ليلاه ( ليلى بن علي ) ، الكوافيرة السابقة ، القرين المتبجح بطغيان قرينه ، لقد جاء بن علي إلى السلطة بعد انقلاب ابيض على زعيمه الحبيب بورقيبة ، فتظاهر بالمسكنة و(( إعادة الاعتبار للهوية العربية الإسلامية لتونس)) و(( دولة القانون والمؤسسات ، سيادة الشعب ، المصالحة الوطنية ، احترام الحريات الأساسية ، التعددية ، العدالة الاجتماعية )) ـ كما جاء في (( بيان السابع من نوفمبر)) غداة وصوله للسلطة ، ولكن سرعان ما تبدل الحمل ذئبا ، والقط الوديع ظاهراً ثعلباً ماكراً يُجيدُ فن النصب على شعبه ، ويوهمهم بالرفع ، سرعان ما قلب للشعب التونسي وقواه الحية ظهر المجن وفصّل لنفسه دستوراً على مقاسه ، فانشأ دكتاتورية كالحة من طراز فريد وألبسها لبوس الديمقراطية البيضاء والحرية الحمراء .
ولم يكن بن علي رئيساً غشوماً لتونس فقط ، ولكنه كان إمبراطوراً لإمبراطورية بن علي وآلـ الطرابلسي المالية التي كونها وزوجته وأصهاره من مال الشعب التونسي ومُقدراته ، مُعتقداً أنّه في مأمن من الشعب و وعيه وغضبته ، و البغيُ مرتعه وخيم ، والطغيان لا يبقى ولا يدوم لأنه باطل ، وسُنة الله تعالى في الباطل أن يزهق ويتلاشى وتتبخر سنيه و تتصرم لياليه الحوالك
ليلْ كأنَّ نجومهُ ×× ×××× بكل مغار الفتل شُدت بيذبلِ
كأن الثريا عُلِّقت في مصامها×× بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ
كما قال امرؤ القيس في معلقته ، لتشرق على الناس شمس الحق والخير والحرية .
وهكذا (( الدكتاتوريون يذهبون في النهاية ، دائما يهربون من اجل حياتهم مثل شاوشيسكو في رومانيا )) وهذا الكلام الجميل ، العجيب فيه والمدهش والمثير في آن أنّه للمخلوع زين العابدين بن علي نفسه وقاله في حوار مع مدير وكالة ( يونايتد برس انترناشيونال ) واعادت نشر أجزاء منه جريدة المستقلة اللندنية العدد 3474ـ 12/7/2000م ، لقد فعلها بن علي فأراً فارّاً من نقمة بني وطنه ، فعلها كما فعلها من قبله شاه إيران وهيلاسيلاسى إمبراطور الحبشة ومحمد البدر إمام اليمن ، و الصومالي سياد بري ، وكما سيفعلها طغاة دكتاتوريين سيلحقون بهم إلى مزبلة التاريخ .
الرابعة : لندعو لصاعق الثورة :
حوّل الشاب محمد البوعزيزي جسده إلى صاعق ، وهو لم يدر بخلده أن يكون كذلك ، صاعق لقنبلة الغضب التونسي المحبوس في قمقمه ، و موقف الشرع الحكيم من هكذا عمل وتصرف معلوم ، ولكن علينا كأمة عربية إسلامية مؤمنة وجدت في هذا الشاب الجامعي ، بائع الخضار على عربته ، الذي تعرضت له شرطية بالضرب على وجهه ـ شُلت يديها ورجليها ولا أراها الله سرورا في حياتها ما عاشت وجزاها ما تستحق على دناءتها وخستها ـ فوجد نفسه محترقاً احتجاجاً منه على فعل ووضع مزرٍ لم تحتمل كرامته معهما عيش ، علينا نحن العرب الذين وجدناه صاعقاً فجر قنبلة الغضب الشعبي العارم في تونس الأبية لتضرب لنا أروع نموذج معاصر نحن أحوج ما نكون إليه في الثورة والتثوير الذي يعصف بالجبابرة المعتقدين في ذواتهم البقاء متسلطين جاثمين على أعناق شعوبهم ، لا بل ويورثون استبدادهم وتسلطهم لإقربائهم ، علينا كأمة عربية إسلامية أن لا ننسى أن نبتهل إلى الله عز وجل في صلاتنا سجوداً خصوصاً ، وفي غيرها ان ندعو لمحمد البوعزيزي بالرحمة والمغفرة وان يصفح الله عنه ويتجاوز عنه ونتوسل إليه جل جلاله الرحيم الودود من اجل ذلك ، وهذا اكبر عرفان ممكن نقدمه للشاب التونسي عزيز النفس محمد البوعزيزي ، وليكفل الموسرين في العالم العربي أسرته المكلومة أو لتفعلها الحكومة التونسية ، وفي المقابل فانه شرعاً لا يجوز ولا ينبغي لإي عربي أن يقدم من بعده على فعل كفعله فهو كان بجسده الصاعق لقنبلة الشعب التونسي و كفى بها وحدها صاعقاً يفجّر كل الشعوب العربية الواقعة تحت عسف الطغاة وأذنابها ، ومثال شعوبنا وتونس و البوعزيزي من دنيا العلوم قنبلة هيدروجينية صاعقها قنبلة نووية وصاعقها فتيل بداخلها ، البوعزيزي صيّر جسده الفتيل والشعب التونسي القنبلة النووية ولنكن نحن الشعوب العربية القنبلة الهيدروجينية .
الخامسة : فجر جديد لحركة النهضة :
في 22 ديسمبر عام 1990م ، وبعد سنتين من المراوغة البنعليه ، بدأت وفي كامل التراب التونسي الاعتقالات والمداهمات لرجال ونساء حركة النهضة الإسلامية المنتمية ، وبقيادة المفكر الإسلامي البارز راشد الغنوشي ، إلى مدرسة الإخوان المسلمين و في 4 يناير صادرت مجلة الفجر لسان حال النهضة ، و خرج زعيمها راشد الغنوشي من تونس عام 1990 واستقر في الجزائر ، وبضغط من بن علي على السلطات الجزائرية انتقل في يونيو 1991الى السودان ، ويحدث نفس الأمر فيخرج منها إلى لندن ، وهناك منحته الحكومة البريطانية حق اللجوء السياسي ، وحين طالب به بن علي نصحته بريطانيا ان لا يتدخل في شؤونها الداخلية ، وحكمت محكمة الطاغية بالسجن بالمؤبد حضورياً على 25 شخصا في مقدمتهم صادق شورو أمير حركة النهضة المنتخب في مؤتمر 1988م ، وحكمت بالمؤبد غيابياً على تسعة من قيادات النهضة وفي مقدمتهم راشد الغنوشي و الدكتور صالح كركر ، وابتكرت السلطة المستبدة أبشع وسائل التعذيب ، وذلك كله لاستئصال هذه الحركة التي حصدت في عام 1998 أصوات الناخبين لم يرضها بن علي وحزبه و أعلن فقط حصول المستقلين ـ المرشحين المدعومين منها إذ لم يسمح لها بالمشاركة باسمها ـ على 18% من الأصوات ، رغم التزوير وتسخير إمكانيات الدولة لحزب الحاكم ، ليس هذا فحسب بل كان للنهضة الحضور الحقيقي في المنافسة مع حزب بن علي حيث أعلن الديكتاتور حصول الأحزاب الستة المشاركة على 2% من الأصوات .
ومُنع الحجاب في الإدارات والمدارس والمستشفيات و تم اعتقال عشرات النساء الإسلاميات وتعذيبهنّ و إهانتهنّ ، وقد قال بن علي لوكالة اليونايتد برس مادحاً ما يصنع ومتبجحاً واصفاً للمجتمع التونسي في ظله (( مجتمع حديث متحول حيث الحجاب ممنوع في مكاتب الدولة حيث تتبوأ النساء 20 في المئة من المناصب البلدية و منصبين وزاريين )) ، لقد جرّد بن علي حرب شعواء ضد النهضة ، وهاهو بن علي يسقط من عليائه المزعوم ويهرب من وجه شعبه ليذوق منذ الآن مرارات كان يحاول تجريعها لغيره ، تخنقه حسرته على مجده الآفل وعزه المكين وعربدة كان يتفنن فيها ، وفي الوقت نفسه تعود البلابل المهجّرة إلى أعشاشها وأوطانها ، يُطل فجر جديد على تونس تحتضن فيه رجال النهضة ونسائها مُعززين مُقدرين مُحترمين يرفلون في ثياب الحرية التي حرمهم منها الطاغية الذي طالما عربد في تونس وضن أنه مانعته حصونه وقصوره من غضبة الجبار المنتقم ، و من ثم غضبة الشعب التونسي الأبي ، وهاهو في جدة أو أينما حل مع من بقي من حاشيته مطاردين من غضبة الشعب التي لن تتوقف حتى يٌقتص من بن علي وزوجته ورجال عهده البائد الذين أوغلوا في دماء وأعراض وأموال وممتلكات الشعب التونسي ، و لقد آن للإسلاميين في تونس وفي كل الدنيا ان يغادروا عزوفهم عن السلطة والهروب منها وتركها لغيرهم ، فيحل الفساد والاستبداد ثم يعودوا ليكتووا بنيرانه من جديد ، وهكذا دواليك ، إنّ على الإسلاميين في كل العالم ان يسعوا وعبر النضال السلمي الدءوب ليكون لهم نصيبهم المقدر المؤثر الحاسم من السلطة ليس ذلك لسواد عيون السلطة ، تباً لها من ضجيعة ، ولكنها وسيلة لابد منها لتحقيق الغايات النبيلة للإسلاميين ولشعوبهم المغلوبة على أمرها ، ولأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فإنّ حرص الإسلاميين على ذلك القدر من السلطة ـ على الأقل ـ هو أمر يوجبه الشرع ، ولتكن للإسلاميين قدوة في تركيا وفلسطين المحتلة .
الخامسة : الجزيرة صوت الحق المُزلزل :
مع كل إطلالة شمس تكبر قناة الجزيرة الإخبارية والجزيرة مباشر في قلوب وأعين العرب الشرفاء ، ومعها تكبر محبة الرئيس القطري صاحب الأيادي البيضاء التي يشهد لها كل مُنصف ، الجزيرة كانت المؤازر الإعلامي الأول إلى جانب الشعب التونسي وهو يثور على جلاديه ، مأثرة أضافتها الجزيرة إلى سجلها الناصع وهي تواكب ثورة الشعب التونسي ولا تزال ، كم كانت الجزيرة رائعة جسورة وهي تنقل وعلى الهواء مباشرة توجيهات الرموز الحرة للشعب التونسي حتى يواصل ثورته ليجني ثمرتها الحلوة المفعمة بنشوة النصر المظفر والمجد المؤثل . كان الطاغية بن علي يرهب الجزيرة وهو لازال على عرشه وغارق في قصوره و مروجه التي يبكي عليها دماً اليوم وهو يحاكي فأر، جرذ ، مرعوب ، قابع في جحره ، قال عنها في حوار مع مدير وكالة ( يونايتد برس انترناشيونال ) : (( إنها لغز . فهناك عدة أصوليين يعملون في هذه الشبكة ولا يمكن ان يكونوا سعداء بالطريقة التي كافحنا بها التطرف الأصولي في تونس ، آخرون يقولون أنها مسخّرة من الموساد . وآخرون يرون ان وكالة المخابرات المركزية (سي أي أي ) تحاول تسريع الأنظمة الإقطاعية في الخليج . وفريق آخر يقول أنها قطر الصغيرة تستعرض عضلاتها ولا احد يعرف حقا )) المستقلة العدد 3474 ـ 12/7/2000م .
لقد جمعت هذه ( الجزيرة ) بين أحضانها الدافئة ، ولأول مرة ـ بعد اندحار الطاغية الدكتاتور ـ وفي تونس المحررة ـ جمعت أطياف المشهد السياسي التونسي في ندوة مركز الجزيرة للدراسات : [ تونس ..الثورة ورؤى المستقبل ] لتدخل الجزيرة مباشرة على ساحة الفعل بعد ان أتقنت نقل الفعل والرأي والتوجيه والتفاعل وبصورة فاعلة ، وهي بتنظيم تلك الندوة عملت احد المطاليب العاجلة على الساحة التونسية بعد الثورة الظافرة المجيدة .
لقد كانت الجزيرة في طليعة وصدارة المنابر الإعلامية المقاتلة لنجاح و إنجاح ثورة تونس ، وقد التحق بهذا الركب الإعلامي المناصر والمؤازر للثورة التونسية منابر أخر اقل شهرة ، مثل قناة الحوار وقناة المستقلة و جريدة القدس العربي .
السادسة : إعلام في ركاب الطغاة :
حين عدت إلى إرشيفي الشخصي وجدت كم كانت بعض المنابر الإعلامية وقود للطغاة ان يواصلوا مشوار طغيانهم ، وجدت مجلات تصقل وجوه الطاغية المستبد بن علي وفي المقدمة مجلة الرجل اليوم و مجلة الرجل الخليجيتين ، وحوادث الراحل كرم مُلحم كرم ، وجدتها تُقدس المدنس وتقدمه للآخرين أن يقدسوه ، مجلة الرجل اليوم كان غلافها صورة بن علي المفضلة لديه قابضاً على يديه وكأنه يشير إلى أنّ شعبه في قبضته فلا خوف ولا وجل وهو من هيأ سُبل فراره من أول يوم وصوله إلى الحكم [ العدد 21 ـ 1/3/2006م ] صوفية الهمامي أسمت الباغي الذي دارت عليه الدوائر : (( ابن الشعب )) الذي (( ما انفك يصغي باستمرار إلى مشاغل كل فئات المجتمع وشرائحه )) و (( شرّع بن علي أبواب الحريات والديمقراطية وتوفق بفضل التفاف الشعب حوله بكافة شرائحه وحساسياته السياسية والفكرية في تأسيس مناخ من الوفاق الوطني )) وكتب أنيس الجمالي في مجلة الرجل [العدد 89 ـ فبراير 2000م ] عن بن علي (( يكره الأبهة و يحرص على الفصل بين حياته الخاصة ومهامه على رأس الدولة )) وكأنه عمر بن عبدالعزيز الذي يُطفئ شمع المسلمين حين ينتهي من النظر إلى مصالحهم ، وتقرأ في مجلة الحوادث اللبنانية العجب : عنوان (( بن علي في شهادات دولية لا تعرف المجاملة : حاكم صادق ..إرادة الانجاز حاضرة في كل تصرفاته )) [ العدد 2565 30/12/2005 ] ، عنوان (( إشعاع عالمي متجدد لمقاربات بن علي الإنسانية )) [ العدد 2691 30/5/2008] ، عنوان : (( إنسانية بن علي تشع عالميا )) [ العدد 2410 10/1/2003] ، عنوان : (( إصلاحات بن علي تعزز مصداقية بلاده في الخارج )) طبعاً هو الصحيح إصلاحات بن علي تعزز مصداقية بن علي في الخارج ، أما الداخل فسيادة (الزين ) لا قيمة عنده لشهادته [ العدد 2399 25/ 10/2002 ] ، ولم يخلو عدد من الحوادث من عنوان تُحفه عن تونس ورئيسها لتقرير يكتبه مراسلها في تونس زهير القمبري أو [ ز.ق] .
وبُعيد إعلان الثورة التونسية تلعثم إعلام الطغاة واحتار في ألفاظه ومصطلحاته لنشر أحداث تونس بالرغم ان الطريق السهل عند البعض كان في الصمت المطبق على ما يحدث بالرغم أنّ الخبر تصدر الصحف والنشرات والبرامج اليومية التلفزيونية في العالم وسمعه وشاهده ويسمعه ويشاهده ، وحذفت القناة اليمنية ـ كما قيل لي ـ شريط الأخبار من على الشاشة .
السابعة : تونس أولاً :
كل زعيم دولة عربية قدم (رشا) جماعية لمواطنيه من خلال مُكرمات الثورة التونسية فان هذا هو علامة ضعف كبير وخور هائل لذلك الزعيم وإدراك منه أنّ شعبه إن ثار فلن يملك إيقافه ، والجدير بالشعوب أن تأبى الرضوخ والاستكانة وقد بدر من ناهبي خيراتها ما بدر من ضعف وهلع ، وأن تستغل الفرصة وتتلقف إشارة الضعف وتعلنها ثورة عربية مضافة إلى الانجاز التونسي في قائمة الحركة التحررية العربية من نير طغيان الحكام كإضافة مهمة و راقية للتحرر من الاستعمار العسكري الأجنبي المباشر والسيطرة السياسية عبر صنائعه .
المؤكد أنّ الطغاة اليوم ترتجف قلوبهم وترتعش أوصالهم لما يشاهدون ويسمعون طاغية زميل يسقط ، واستبداد شقيق ينقشع ، وليتني ادري كم استغرق الزعماء العرب وهم يتدارسون الدرس التونسي وهم يجتمعون في شرم الشيخ في القمة الاقتصادية الثانية ، وليتني ادري ماذا دار بينهم ، ولعل تلك القمة جاءت في وقت هم أحوج ما يكونون لمثلها ، وازعم أنهم انقسموا إلى فريقين : فريق يدعو للاستفادة من الدرس ، وفريق خائف منه مرتبك وجل ان تصل كرسيه نيران الثورة ويسير شعبه في هدى نورها الوضاء و سناء برقها الساري في ليل الحيارى ، لاشك أنّ قليل الحكام العرب لا يخشون شيئاً وهم الحكام الذين جهدوا وجاهدوا ليوفروا لشعوبهم أقصى ما يستطيعون من كرامة وعزة وتنمية وحرية نراها ونسمعها في قطر والسودان وسوريا ، و لنفرض جدلاً أنّ بن علي قد وفر لشعبه مستوى اقتصاديا ممتازا ـ كما أدمنت الحديث في هذا منابر إعلامية عديدة ـ إذن لماذا ثار الشعب ؟ ثار بسبب البطالة 13% ، والكبت الهائل وحرمان الحريات ، ولاستخذى تونس وإذلالها وتحويل بعض بقاعها إلى ماخور ليُنسي شعبها كل قيم الإيمان والكرامة ، ويعيشها في نعيم وهمي ، والعديد من الدول العربية تعاني الأمرين من كرامة لأوطانهم مُهدرة مسفوحة ، واستبداد و تسلط ينظر إلى الشعب أنهم مجرد حملان في حظيرة لا يهمها سوى بطونها وفروجها و(( ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان )) ، صحيح قد لا يتطابق الحال مع تونس ، ولكن هناك قواسم مشتركة عديدة أهمها غياب الديمقراطية ومصادرة حق الشعب في التحكم بثروة بلاده التي يعيش فيها وينتسب ، منذ الميلاد وحتى الرحيل إلى دار البقاء ، لقد كانت الثورة التونسية بمثابة الإعلان أننا نحن الشعوب العربية نستطيع التخلص من الحكام المستبدين ان جمعنا كلمتنا معاً ضدهم لا كأشخاص ولكن كمستبدين وناهبي خيرات أوطاننا ، وإنه آن لنا ان نثور ونقتلع هذا الطغيان المدعوم من الغرب الذي يحافظ على امتنا العربية والإسلامية مهانة لا كرامة لها ، تعيش ولكن بروح مهزومة داخلياً ، امة خانعة يائسة من التخلص من واقعها المزري وحالها الأسيف ، امة مهيضة الجناح مستباحة الدماء والكرامة والثروات ، امة استمرأت الذل والخنوع ، وآن لمواطن عربي أن يخرج في شارع يردد : (( الشعب الفلاني حر ، الشعب .... ما يموتش ، يا..... معاد فيش خوف ، فلان هرب ، فلان هرب ، يا شعبنا يا عظيم ، يا شعبنا يا كبير اتحررنا و .....هرب ، يا شعبنا خلاص تحررنا ، تحيا الحرية ، والمجد للشهداء ))
الثامنة : تونس و اليمن :
هناك ثلاثة قواسم مشتركة بين وضعنا في اليمن والوضع التونسي : أولاً : حكم استبدادي ، ثانياً : حكم فاسد ، ثالثاً : بطالة ، ولكن هناك ثلاثة اختلافات جوهرية :
الشعب التونسي شعب متعلم الأمية فيه اقل من 2% ونحن غير ، شعب امتلكت نسبة كبيرة منه زمام التكنولوجيا والتوصيل والتواصل عبر الانترنت ، حولوا تونس إلى ساحة فعل ثوري هذا أولاً ، وثانياً الشعب التونسي شعب كبته بن علي طويلاً ماعدا أحزاب وهمية مصنوعة على عين الطاغية المستبد ونقابات مُفرّغة من المضمون الجدير بها ، فصار الشعب كالقدر الذي يغلي وممنوع بخاره من التسرب فيصبح قنبلة قابلة للانفجار كلما تطاول الكبت ، ونحن لدينا قدر من التنفيس من خلال الانتخابات على ديكوريتها وحرية في التعبير والتظاهر وتكوين الأحزاب والنقابات و مؤسسات المجتمع المدني عموماً مع بعض مضايقة وقمع وشق مدعوم ومحمي من السلطة ، وثالثاً بن علي بإعلانه الأحمق الحرب على (الأصولية ) ومسعاه إلى (تجفيف منابع التدين ) إنما كان يعلن الحرب على الله تعالى ، لقد منع كل مظاهر التدين باستثناء إمكانية الصلاة في مسجد تحدده لك وزارة الداخلية و ببطاقة محدد فيها اسم المسجد ، منع المكتبات من بيع الكتاب الإسلامي بما في ذلك كتاب الله المجيد القران الكريم ، ومنع الحجاب ، و اعتقل من حركة النهضة الإسلامية أكثر من 30 ألف رجل وامرأة وسامهم سؤ العذاب وقتل بعضهم تحت التعذيب ، وفي المقابل شجع بن علي على التفسخ والعري والفساد الأخلاقي ، أما في اليمن فلم يعلن الحاكم حرب كهذه ، وعلينا ان نكون منصفين مع الآخرين مثلما نحب ان يكونوا منصفين معنا ، لدينا الكلية العليا للقران الكريم وفروعها وجامعة الإيمان وفروعها و المساجد مفتوحة للصلاة ولتعلم كتاب الله و الخطابة والدرس والحديث إلى عموم المصلين ؛ لا بل للرئيس جوائز خاصة لحفظة القران الكريم من المدنيين والعسكريين ، وقد كانت حرب بن علي تلك ، كما اعتقد والله اعلم ، سبب لنقمة الله على هذا الطاغية الأرعن واجتثاث حكمه واقتلاع مجده الزائف من ارض تونس بهذه السرعة التي لم تكن تتوقعها حتى دوائر حكومية غربية راسخة في التنبؤ وقياس نبض الشعوب .
التاسعة : التجمع الدستوري و المؤتمر الشعبي :
(( نريد حكومة شفافة بدون حزب سرّاق )) هكذا كُتب على احد اللافتات التي رفعها الشعب التونسي بعد هروب بن علي ، وبني وطني يعتقدون أنّ عندنا حزب مشابه ، بل مقر لجنته الدائمة في حي الحصبة الطويل العريض يقع في هذه الدائرة ، وهذا شوقي طبيب محامي تونسي يُعدد لبرنامج ما وراء الخبر ، مساء الخميس 20 /1/2011م على قناة الجزيرة ، صفات التجمع الدستوري الحاكم سابقاً في تونس : كان آلة للتصفيق والتجمعات ، معظم أعضاءه إلـ 2,4 مليون [ مصفق ] انضموا إليه رغباً أو رهباً , لم يكن له إسهام في الحياة السياسية ، ذهابه لن يترك فراغاً سياسياً ، كان عبارة عن عصابة مافيا ، ولديه 15 ألف متفرغ من موظفي الجهاز الإداري للدولة التونسية يصرف عليهم من خزائن الشعب ، لو تأملنا هذا ، وعقدنا بين هذه الصفات وبين صفات الحزب الحاكم في اليمن ـ المؤتمر الشعبي ـ ماذا سنجد ؟ هذا السؤال ، ومنكم الإجابة .
العاشرة : اليمن والدرس التونسي البليغ :
على اللقاء المشترك أن يرفض كل ما يقدمه المؤتمر الشعبي من تنازلات بعد الدرس التونسي ، وأن يوصّل للسلطة رسالة واضحة أن : يا سلطة لنتحاكم إلى الشعب ليقول كلمة الفصل ، والشعب فقط وفقط ، ولتكوني على أتم الاستعداد أيتها السلطة المعلومة الفساد والاستبداد للهزيمة في انتخابات قادمة بعد إدخال التعديلات اللازمة على قانون الانتخابات والدستور بما يخدم مصلحة الشعب وليس الجاثمين على صدره ، إما هذا أيتها السلطة ، وإما ان ندعك والشعب يقرر فيك قراره مادام إصرارك على الغرور الأجوف والاستكبار الأرعن و الاستمساك بسلطة استبحت بها مقدرات الشعب وخيراته . إن على اللقاء المشترك ان يشرع تواً في إعداد مشروع دستور جديد لليمن يليق بشعبه وتاريخه المجيد ، دستور يُفصّل على مقياس الشعب لا على مقياس (الصالح ) الذي يلهث ليُخرج و يُنتج ويُنجز [ دستور الصالح ] ، مثلما أنتج وأنجز : مؤسسة الصالح و جامع الصالح ، وحرس الصالح غير المُعلن ، و مدائن الصالح ، ومشروع الصالح ، وغيرها . وكأني بأبيات أبي الأحرار محمد محمود الزبيري بالأمس قد كُتبت :
روح الإمامـة تجـري فــي مشاعـرهـم
وإن تـغـيــرت الأشــكـــال والأُسُـــــسُ
كفـى خـداعـا فعـيـن الشـعـب صاخـبـة
والناس قد سئموا الرؤيـا وقـد يئسـوا
وانـــتـــمُ طــبــعــة لـلـظــلــم ثــانــيــة
تـداركـت كــل مـا قـد أهـمـلـوا ونـســوا
وأنّ صـــوت الـخــراب الـفــظ أغـنـيـة
تــرتــاح أنـفـسـكـم مـنـهــا وتـأتـنــسُ
قانونـكـم لاغتـصـاب الشـعـب مهـزلـة
كـنــزهــة لإمـــــامٍ مــســـه الــهـــوسُ
والحـكـم بالـغـصـب رجـعــي نـقـاومـه
حـتـى ولــو لـبـس الـحـكـام ما لـبـسـوا
والـظـلــم يـُلـعـنـه الـقـانــون نـفـهـمـه
ظلمـا وإن زينـوا الألـفـاظ واحتـرسـوا
يـلـفـقــون قـوانــيــن الـعـبــيــد لـــنـــا
ونـحــن شـعــب أبـــي مـــارد شـــرس
كما أنّ على المشترك ان يسارع إلى تقديم مشروع قانون انتخابات جديد يضمن الحفاظ على إرادة الشعب لا قانون يحرص على مصادرتها كما هو حاصل اليوم ويريد الحاكم المزيد من سد منافذ الإرادة الشعبية عبر قانونه الجديد .
و نحن في هذه الأجواء الهادرة يحلو للبعض القول : لماذا لا يخرج اللقاء المشترك إلى الشارع في مظاهرات عارمة كما فعل التونسيون ؟!! ، ويذهب ذلك البعض لينال من المشترك ويتهمه بالأباطيل والخُزعبلات ونسج الخيال ، لقد قال ألشابي أبو القاسم : (( إذا الشعب يوماً أراد الحياة )) ولم يقل إذا أرادت رموز الشعب الحياة فلابد ان يستجيب القدر ، إنّ الهبة الشعبية لا يملك معها الطغاة صرفاً ولا عدلاً ، أمّا أن يدعو حزباً ما أو مجموعة أحزاب لثورة وطنية فإنّ أحسن الاحتمالات أن يستجيب الشعب ويقف مع هذه الأحزاب ويصبر معها و يُصابر ويتلقى الأذى المحتمل معها وينتصر معها ، ولكن الاحتمال الثاني أن لا يستجيب العدد الكافي واللازم من الجماهير لهذه الدعوة وبالتالي يتعرض الداعي أو الداعين للثورة إلى حملة إبادة وتجفيف منابع ، بمبررات ستنطلي على الكثيرين ، ويتعرض العشرات من أفراد الشعب ومن صفوف الداعي أو الدعاة للقتل والتعذيب والتنكيل ، وبدون جدوى ، بل الغالب أنّ الحاكم سيزيد في قسوته وجبروته وطغيانه وهو آمن من ثورة شعبية أو مُعارضة حقيقية ردحاً آخراً من الزمن ، وقد قال الله عز وجل ((وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) وقال الناظم :
قَدَّرْ لِرجْلِكَ قَبْلَ الخَطْو مَوْضِعَها ... فَمَنْ عَلاَ زَلَقاً عَنْ غِرَّةٍ زَلَجَا
ولنا نحن اليمانيون تحديداً عبرة في الثورة الدستورية اليمنية في فبراير1948 ، فرغم وصول الثوار إلى السلطة إلا أنّ جهل الشعب ، مع مكر ولي العهد احمد ـ الإمام من بعد ـ أودى بالثورة التي قامت من أجل أن تخلص شعبها من الظلم والاستبداد والفساد والجهل والمرض ، وفي التاريخ دروس كُثر.
والمطلوب من المعارضة في أي بلد ، وجدت شعبها و وطنها في حاجة لازمة إلى ثورة شعبية لتصفية طغيان وإعادة حق إلى نصابه ، مطلوب منها إعداد واستعداد تامين ، يأخذان وقتهما ، يضمنان غالبية شعبية واعية كافية ولازمة تقف معها لإنجاح الثورة وتحقيق مراميها النبيلة . إنه لامناص من دور الشعب الواعي وإرادته للحياة كشرط لازم في كل الأحوال للقيام بالثورة وانتصارها النهائي .
وفي الوقت الذي أتمنى أن يسبق الحاكم في تغيير نواياه وسلوكه مع وطنه ، ويقلع صادقاً عن غروره ، وأن يستمع حقاً إلى صوت العقل والى صوت الشعب الذي يدركه تماماً ، أتمنى أن تخرج الجماهير وتعلن ثورتها الشعبية السلمية وعلى الطريقة التونسية ، فلا تنتظر قيادة ولا رموز ولا إشارة من احد قد تمنعه من ذلك موانع مُعتبره ، وفي نفس الوقت ، على أبناء اليمن شماله والجنوب الإلتحام معاً و أن لا يسمحوا البتة بالكراهية أن تتسلل بينهم وأن تفرق صفهم وتفت في عضدهم ، فالتونسيون انتصروا بتلاحمهم لا بكراهيتهم لبعضهم البعض ، و التنازع مآله الفشل ، والتوحد فيه القوة والعزة والشمم . والذي يجني على الشعب اليمني سلطته الفاسدة المستبدة لا أفراد الشعب المغلوب ـ الغالبية الساحقة منهم ـ على أمرهم . وعلينا الحذر من ألاعيب السلطة ومكرها والتي قد تسعى الآن ، والآن فقط ـ وبجنون لامتصاص النقمة و تفويت الأجواء و المناخات الثورية التحررية التي صنعتها الثورة التي إجترحها الشعب التونسي ، وبعد أن تزول هذه (الغمة) عن السلطة تعود إلى مسيرتها العنجهية الإستكبارية المستندة إلى أغلبيتها الزائفة المزيفة في مجلس النواب ، وأبناء الوطن ، أبناء القوات المسلحة والأمن .
وختاماً ..
لقد كان النشيد مصاحب للتونسيين وهم يقاومون العسف والطغيان ، ونختار من ذلك مقطوعتين ونوردها بكلماتها الدارجة كما هي ، وهي تصور جانب من نضال وإصرار شعب تونس على الانعتاق من براثن الظَلام و الظُلام :
هيا نناضل هيا نناضل حتى الانتصار ×× الحياة كلها تجارب يا شعبي المغوار
الظالم عمره ما يدوم لازم بش يسقط في يوم ×× اصح يا شعبي من نوم وامح عليك العار
هيا نزيل التبعية نرتاح و نطمان ×× ونزيل الدكتاتورية ونعيش في أمان
لا تونس تبقى مرعيه لا إرهابي لا خوان ×× دولة عربية إسلامية وأولادها أحرار
شدوا إيدينك كبير وصغير نهب بعزم جديد ×× الوعي سلاح فيه الخير قوة الشباب احديد
كل واحد على وطنه يغير ×× إحنا بأيدينا المصير وبأيدينا القرار
يلزم طاقتنا نسخرها نمحي بها العار ×× خُطة الباغي نفشلها وتتكشف الأسرار
**************************************************************************************************
يا خضراء مهما طال ليل الظالم وجار ×× يطلع زهر الآمال و ينوّر الصبار
الطريق اطويل وعالطريق أشواك ×× برغم التضليل يطلع صبحي في سماك
يا ارض الزيتونه حنيني إليك ×× من الغربة يحملني نحوم حواليك
حنيني للتربة ..لإخواني اللي فيك .. ×× في برج الرومي وإلا في كل نواحيك
يا شعبي إمتى تسود والوطن اسير
· برج الرومي سجن من سجون العهد البائد
mraham70@gmail.com ــــــــــــــ 23 يناير 2011م