جُلت في عقل الرئيس [ ملك ـ غير متوج ـ بموجب نصوص الدستور ] أصيل الاثنين 7 مارس 2011م فوجدت عشرة أشياء :
1ـ مرارة من شعور بانكشاف (شعبية) زائفة صنعها عبر إعلام يجيد فنون الدجل و تضخيم الذات [ العلية ] وتبخيس الخصوم والتقليل من شأنهم وتشويههم واتهامهم بكل الأراجيف والأباطيل وإسقاط عيوب النظام عليهم ، (شعبية) صنعها كذلك عبر انتخابات مزورة يجيد فيها وبطلاقة بالغة توظيف الشقائق الخمس لصالحه [ المال العام ، الوظيفة العامة ، الإعلام الرسمي ، الجيش والأمن ، اللجنة العليا للانتخابات ] ، وخوف من إعلان الهزيمة (..) ولذا فان عدم بروز دور اللقاء المشترك ـ التكتل السياسي المعارض اليمني ـ مهم جداً بل هو عين الحكمة اليمانية ، وقد يكون هذا عدم البروز مقصود من المشترك وقد يكون من ألطاف مالك الملك العليم الخبير الحكيم جل جلاله وتقدست أسماؤه ، فان يعلن (الملك)الهزيمة على يد جماهير شعبه أهون عنده بآلاف المرات من أن يعلن هزيمته على يد تكتل طالما سخر منه ومن مكوناته ، وهذا يوفر فرصة أفضل لرحيل عاجل وبسلام .
2 ـ أوراق باقية لدى غير المتوج تذروها عواصف الشعب العاتية : حلول وسط ، قدرة على شق صف الملايين (فرّق تسد ) حتى في الهزيع الأخير من التسلط ، إرهاب الملايين ، ملل الملايين ، تشويه الثورة الهادرة المتصاعدة الميادين والملايين ، إثارة النعرات .
3 ـ الرئيس غير مستوعب وغير مُصدق تماماً أنّ الشعب ، الذي حرص على استنامته في الشقاء المُنسي لأسباب التعاسة والبحث للخلاص منها ، والعسل المُبقي في حضن التسلط والمتمتع بدفئه وحنوه ، غير مستوعب أن ذلك الشعب قد صحي وقام قومته وخرج من القُمقُم .
4 ـ الرئيس غير مستوعب انه قد آن له الرحيل وبهذه السرعة القصوى : رضي بحكاية خلع العداد ـ البقاء مدى الحياة لعمر لا زال أمامه في نشاط وهمة وعقلية عجيبة في البقاء ـ لولا الثورتين التونسية والمصرية وهبة اللقاء المشترك يوم الخميس المشهود ، تخطيط طويل عريض وتنفيذ مُتقن أحياناً ومفضوح أحياناً أخرى لتوريث السلطة (الجمهورية ) بل غدا ولي العهد غير المُعلن يستقبله الملوك وأولياء العهد العرب ، ومن ثم يتعاقب أنجال (الصالح) مثلما يتعاقب أنجال الملك المؤسس عبدالعزيز ولتصبح بلادنا الحبيبة و وطني المُفدى : (( المملكة العربية الصالحية )) ، بالمناسبة اسم المملكة العربية السعودية لم يكن هكذا إلا اعتباراً من 1931م ، ولتحقق أهداف الحرب ضد الجمهورية الوليدة في سبتمبر 1962م بعد43 أو 53 سنة من توقفها عام 1967م ، من يدري !!.
5 ـ قدرات الرئيس الاستيعابية مائلة نحو المطبلين والمزمرين (( صلّب يا علي وهي باتنجلي )) بدل أن ينصت بعقله ويرهف بسمعه للملايين الهادرة المنادية في سمع الزمان والمكان (( ارحل يا علي وهي باتنجلي )) .
6 ـ يعتقد الرئيس أنه أصلب عوداً وأمضى عزيمة واقدر على التصرف من زين الهاربين بن علي و أستاذ الرئيس المُبجل حسني مبارك ـ وهذا اعتقادي من زمان فالرئيس من زمان يطبق سياسة حسني بفرق واحد يُحسب للرئيس : السماح للإسلاميين بالعمل العلني وهذا حصاد لعلاقة تبادلية معهم واختلاف موقع البلدين الجغرافي من الكيان الصهيوني ـ وهذا الاعتقاد وهم كبير فحسني مبارك كانت تهدده الولايات المتحدة الأمريكية لسواد عيون الجيران ، الحركة الصهيونية (الكيان الصهيوني ) السرطان الناشب مخالبه في الجسد العربي الواهن فلا يدعه يتعافى ولا أن ينمو ولكن يضل في حالة موت سريري وفقدان للوعي الجمعي بضرورة الزحف الهادر نحو الخلاص والتخليص ، و قد كان لمبارك نحو 1,7 مليون رجل مخابرات و أمن عام وخاص وهلما جرا ، لكن تبدد كل ذلك ويا للعجب ، ويا لقدر الله النافذ الذي أرسل من تونس الشرارة التي اندلع منها اللهيب فخرج ملايين النبلاء في مصر و اسقطوا النظام الذي طالما سامهم مسخاً وخسفاً ، واحمد ربي أن عشت حتى شهدتُ وتابعتُ عن كثب المشهد العبقري لمصرع النظام المباركي ، وقد كان النظام المصري من زمن السادات المُعطل ـ وبكفاءة واقتدار ـ لجهاز المناعة العربي للتصدي للغدة السرطانية (إسرائيل ) .
7 ـ يعتقد الرئيس بـ ( الحكمة اليمانية ) التي وصف بها الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلّم بها أهل اليمن ، ولكن الرئيس يفهمها بطريقته وعلى طريقته : انه لديه شخصياً من تلك الحكمة ما يجعله قادراً على صناعة مصير مختلف له ولنظامه عن مصير سابقيه ولاحقيه من الحكام العرب ، وقد يتجلى هذا الاعتقاد في قوله (( اليمن ليست تونس وليست مصر )) .
8 ـ الرئيس يعتقد أن اليمن ( مُلك) نماه ورعاه ، ويصعب عليه تركه : اقتصاد يصب في ((الجيب الواحد )) عماده : نفط ، غاز ، ثروة سمكية ، مؤسسة اقتصادية أخذت الأخضر واليابس وسطت وسيطرت بقانون وبالتفاف عليه ، مصادر للدخل (الفردي)غير اقتصادية وغير منظوره أحياناً : القاعدة ، الحركة الحوثية ، و أمر يصب في مسخ العقل والفعل والفاعلية لا املك عليه دليل لإذكره ، ولكن علامات وجوده متكاثرة وسهام الاتهام وتحميل المسؤولية عنه تشير إلى شخص نافذ و أيّ نافذ ، العلاقات الطفيلية على صعيد الاستثمار (( الاقتصاد الطُفيلي ))
9 ـ إيمان مخدر بقضاء الله وقدره بثورة الشعب الهادرة والمتصاعدة في الميادين وبالملايين ، وقضاء الله وقدره له بالرحيل .
10 ـ شعور غريب باستحقاق البقاء مدى الدهور والأزمان ، ومن ثم توريث حين يحين الأجل غير المعلوم أوانه ، و ذلك نظير خدمات عمرها 33 عاماً ، فإذا كانت الملايين تقول كفاية 33 ، فهو يعتقد أن الأصل هو العكس ، ولعل ذلك أيضاً من إيحاءات شياطين الإنس المحيطين والمطبلين ، أنّ شخصاً نمّا الوطن وطوره مدنياً وعسكريا وتنمويا حتى غدت صنعاء زاخرة بالجسور المعلقة والأرضية والمزدوجة ، يعتقد انه قد جاء إلى السلطة واليمن تكاد تكون كومة خُردة وهي اليوم ـ في نظرة سيارة فيراري عالية الجودة والسرعة بل طائرة شبح فلته ، وويل لمستشارين تُعساء يجيدون فن قلب الحقائق ـ اشتكى منهم بن علي ذات رحيل ـ و للإعلام السلطوي الذي حاكى وبمهارة فائقة حكاية جحا حين أغرى الصبيان بمأدبة كاذبة فلما رآهم يتهافتون نحوها و يتتابعون صدقهم ولحق بهم ليحظى بنصيب منها .
وختاماً فأنني ومن صميم قلبي ـ وأنا الكاتب والباحث غير المشهور ـ أتوجه إلى الرئيس بان يُغادر هذا كله ، وان يرحل بسلام ولن يبخل عليه أهل اليمن الكرماء أصحاب الشهامة والوفاء بحفل هو الأول في التاريخ لوداع رئيس اختار الرحيل بسلام ليعش شعبه مثلما يرضى ويختار . والحمد لله في المبتدأ والختام .