في زمن الثورات تشتد الحاجة إلى توفيق الله ،وبالتالي كثرة اللجوء إليه
وتعزيز الصلة به عز وجل بالإكثار من العمل الصالح مع الإقبال عليه بالظاهر والباطن
لتحقيق الخشوع فيه واستحضار القلب مع الجليل القريب اللطيف الحفيظ العليم الحكيم
الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء السميع البصير.
كما تتعاظم الحاجة إلى الشخصية القيادية الكاريزمية والقيادة الكاريزمية
الجماعية التي ترص الصفوف وتُثير الحماس وتُرشّده ،وتوجه الجماهير نحو الهدف
المحدد وبدقة توفيراً للتضحيات وللجهد والوقت وكسباً وترسيخاً لثقة الجماهير
وتمتيناً لصفها وتعظيماً لها في عيون نفسها وخصمها .
ومن هذا المنطلق ذهبتُ أتأمل ما هي الصفات اللازم توفرها في تلك الشخصية
القيادية و الجماعة القيادية فوجدت عشر وعشر صفات، كلما اتصف بها الشخص والقيادة
تحققت فيه وفيها ،وتوفرت له ولها وللجماهير الشخصية القيادية ، والقيادة الموفقة
الناجحة ، المُنضجة للفعل الثوري :
1
ـ إيمان بالهدف لا يتزعزع ولا يضطرب وتركيز بؤرة الاهتمام عليه فلا مشاغل
عنه ولا مصارف.
2
ـ قوة روح ، روح منتصرة قبل النصر ،فلا تؤمن إلا بالنصر و الظفر ،لا ترضى
بالظلم لا لنفسها ولا للجماهير وتعلوا بنفسها وبالجماهير على قضه وقضيضه ، لا تهاب
ولا تتردد ،ولا ترضى بأنصاف الحلول ولا بمسك العصا من المنتصف ،همها الحق العام أن
يعلوا وباطل السلطان أن يزهق .
3
ـ ثقة بالغة في الله : قيوميته ،علمه ، لطفه ، قدرته ، نصره، رحمته ،توفيقه
،حكمته البالغة .
4
ـ ثقة في قدرة الجماهير على صنع المستحيل .
5
ـ سحر شخصية (شخصية آسرة ) تجتذب إلى مجالها المغناطيسي الجماهير.
6
ـ نضج فكر وفقه واقع وتبصّر طريق ، وإدراك لألاعيب الخصم وطريقة تفكيره.
7
ـ قدرة على الصبر و المصابرة والصمود والمثابرة والإقدام بدون تهور ولا
تخلي عن حذر .
8
ـ عقلية حصيفة ، حاضرة البديهة .
9
ـ صلابة عزيمة.
10ـ سعة صدر،وقدرة على الصفح والمسامحة
للمنضوين في معسكر الثورة ، يتسامى فوق الصغائر، فلا يضيق لأتفه الأسباب ، لا يسمح
لردة فعله إزاء أخطاء الآخرين بالتفلّت والانفلات من عقالها، ويكبتها حتى لا تفرّق
ولا تعوق و لا تُنفر مؤمناً أن كدر الجماعة خير من صفو الفرد.
11ـ قدرة على الحديث بطلاقة وسلاسة وتسلسل
أفكار وصدق لهجة فلا تلجلج ولا تلعثم مع توجيه للخطاب للعقل والعاطفة ترسيخاً
للمدركات ،وترشيداً للعاطفة النبيلة .
12ـ بث روح التفاؤل والأمل،روح الممكن لا
المستحيل . سَئل نابليون: كيف استطعت أن تولد الثقة في نفوس أفراد جيشك؟ أجاب: كنت
أرد بثلاث على ثلاث.... من قال لا أستطيع قلت له... حاول، ومن قال لا أعرف قلت له..
تعلم، ومن قال مستحيل قلت له.. جرب.
13ـ التيسير لا التعسير . التبشير لا
التنفير . التحفيز لا المؤاخذة. الجمع لا القسمة .
14ـ صلة قوية بالله تعالى، هي عنصر حاسم في
تحقيق النجاح وإحراز النصر، و إلحاح في سؤال الفتاح العليم أن يفتح له القلوب ،
وعليه من علمه وتوفيقه .
15ـ إخلاص نية لله تعالى مادام أنّ الفعل
الثوري مما يُقصد به إرضاء الله أمرً بمعروف ونهياً عن مُنكر وإقامة للعدل و دفعاً
للظلم، وإدراك تام أنّ الغرور مقبرة النجاح والحسنات، ونقاء سريرة وصدق مع
الجماهير وهي تقرع بوابات المستقبل وتسير على الدرب اللاحب وتواصل زحفها الهادر
صانعة غدها العامر بالمسرات والمُكرمات والفرح والسرور والغبطة والحبور .
16ـ عفة لسان ويد وعقل ، فليس بالبذي في
حديثه ، ولا متطلع لمقابل مادي أو معنوي عن جهده وكفاحه في صفوف الثورة وفي
طليعتها ، همّه أن يسمو الحق ويسعد الخلق، ولا مُتشكك في معسكر الثورة ولا سماع
للقيل والقال في رجالها ونسائها، يكن كامل وده وتقديره و امتنانه للكبير والصغير
،من يعرف ومن لا يعرف من معسكرها و دساكرها .
17ـ همة عالية ، راحتها في الانغماس في
العمل الثوري الجليل، ورص الصفوف وشحذ الهمم، همة همها أن تسود الجماهير صاحبة
الحق في الأرض والسلطة والثروة ، وان يسمو الشعب فوق الجراح والدماء ويُغادر حاضره
المُثقل بالمتاعب والآلام إلى مستقبل وضاء بسّام ، وأن تتحقق أحلام الشعب وتُزهر
حقوله و تُثمر ويطيب للجماهير الجني والقطاف في المبتدأ والختام .
18ـ تواضع للجماهير وتبسط معها، فلا تكبر
ولا خُيلا ولا تهافتاً على مدح ولا إطراء ، فهو من تلك الجماهير و بها ، ناءً
بنفسه عن كل ذلك ، حسبه أنّه يبذل جهده لسعادة وتنمية وكرامة الوطن المُفدى .
19ـ استعداد للتضحية بالغالي والنفيس : الروح
، الدماء ، المال، المصالح الشخصية، المكانة السابقة لدى المبطلين .
20ـ توكل على الله تعالى الحي القيوم بالقلب
واللسان، بعد الأخذ بالأسباب و استفراغ الجهد فيها ، شعاره (( أعقلها وتوكل )) ،
غير متسرع و لا متعجل ، في تخطيط مُتقن وشورى مبصرة ، واستخارة هادية واستشارة
قائدة ، بعيداً كل البعد عن أن ينطوي بين جوانحه أي من مضامين الاستبداد والتسلط
وفرض الرأي ، مُشجعاً و مُرحباً بالآراء لتنصهر بعد ذلك تياراً يغذي الفعل الثوري
ويمده بالبقاء والارتواء، محافظاً على انسيابه العبقري وصفائه الألمعي، حتى تتقوى
عُراه ويبلغ مداه وترسو سفينة الفعل الثوري على بر الأماني المُحققة وشطوط المقاصد
المُجسدة ،المسورة بالوعي الجمعي و اليقظة المُجتمعية، تكلؤها عناية الباري
المُنعم المتفضل.