بعد أن شحذ سلاحه و امتشق خرابه وأشعل نيران
حقده في الجسد اليمني وتوعد بان يعيده رماداً كما كان في أول عهده .. بعد أن بلغ
ذروة الانتشاء بصلفه وبربريته وصلت نيرانه إلى قصره لا بل إلى رأسه المثخن بالإجرام
ماضيه ومستقبله ، وإلى صدره الذي طالما رفعه رمزاً لرفعة مزعومة وشموخاً زائفاً..
خرج صنائعه يبكون وينعون ويدعون سواهم إلى ((
تقوى الله )) ويتحدثون عن [الجريمة الفظيعة] التي (( بلغت الوقاحة بأصحابها
لاستهداف رئيس الجمهورية فخامته حفظه الله)) لا ومع هذا الحديث عن انتهاك (المسجد
الحرام) ليكتشف اليمنيين أن لديهم حرمين حرم النهدين وحرم الصالح وأنّ لديهم ،
كالجارة الكبرى ، خادم للحرمين هو ياللمفارقة نيرون هذه المرة ..
لقد غفلوا عن بربريته التي أحرقت ساحة
الحرية والتحرير في تعز الحالمة بالخيرات والمسرات فإذ بها تتلقى من أزلامه
الفظاعات .. لقد غفلوا عن قتله زهاء 200 يمني منذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية
السلمية التي ثارت لتسقط نظامه الغشوم الظلوم غفلوا أنهم يمنيين مسلمين مثلهم مثله
في الكرامة والحقوق بل ويزيدون عليه في أنهم لم يسفكوا دما حراما ولم يقصفوا
بالصواريخ بنيانا و لم يحولوا جبال صنعاء ( تنينات ) قاذفة عليها بالنيران ولم
يجرموا بحق وطنهم فيما أجرم هو وسفك و أولغ في الدم الحرام وبصورة يندى لها جبين
الإنسانية وقصف بالصواريخ واستخدم كامل ترسانته الحربية لهزيمة عائلة يمنية مناضلة
أبية لأنها وقفت مع ثورة الشعب من يومها الأول وذلك ديدنها مع كل الثورات اليمانية
.
تضاربت الروايات عن ما حدث: من خلفه ؟ من
دبره ؟ هل هو من داخل القصر أم من خارجه ؟ ، هل هو من معسكر نيرون أم من معسكر
الثورة ، هل هو من صنعه أم من صنع عقل باركه الله ويد سددها الجبار المنتقم ذي
الجلال الذي يغار أن تُنتهك حرماته ، وسيبقى السؤال و لعله يبقى بدون إجابة شافية
، و يستتبعه السؤال : ماذا حل بالسفاح الدموي بالضبط ؟؟
في اليوم التالي خرج نيرون اليمني مكسور
الجناح إلى الجارة الكبرى لتخرج الجماهير فرحة منتشية بدنو النصر النهائي لثورتها
الصامدة على مدى يقترب من الشهور الأربعة ، خرج ليتلقى العلاجات لمصابه الذي نزل
برداً وسلاماً على المقهورين والمحرومين بفعل حكمه الفاسد الاستبدادي الارتزاقي ، خرج
ليحتدم الجدل عن إمكانية عودته وبأي صفة يعود ؟؟ ومنطق الشعب الثائر أنه لم تعد له
شرعية لا دستورية ولا قانونية ولا عقلية ومنذ اندلاعة ثورته المتصاعدة ، لقد رفض
كل محاولات تنحيته عن عرش روما ليخرج منه بشرف كما ادعى ولكن فضحه مساره الدموي
حيث تبين لكل ذي لب ان نيرون القرن الـ21 فقط هو مستمسك بالعرش ويدعي خلاف ذلك
ويسعى جهده لتأخير لحظة انكشافه السفاح الرابض في صميم عقله و وجدانه أو لتجنب
الخروج بالمُطلق بوسائل غير دمويه كأن ينصرف ثوار وثائرات الثورة الشبابية من
الساحات مللاً ويأساً وإحباطاً و تفرقاً أو أن يضطرها للانحراف عن مسارها السلمي
في مجتمع يمتلك نحو 60 مليون قطعة سلاح فيخرجها إلى الميدان الذي يعتقد انه
سيلجمها ويفشلها ويقهرها ويغلبها فيه ليستمر في حكمه الاستبدادي الدموي ويورثه
لأبنائه من بعده محرزاُ مملكة صالحية تحمل اسمه وتحول دون انكشاف أوراق إجرامه و
فساده و إرجاسه مع معاونيه الذين بلغ عددهم وفق آخر إحصاء له 600 حرامي متجاوزاً
السبعين حرامي الذين حاربهم سميه علي بابا .
إنّ هناك واجب ملح على كل القوى التي تهمها
مصلحة اليمن واليمنيين مصلحة الوطن الذي تم بناء مؤسساته المدنية والعسكرية على
مدى أجيال بمال الشعب لا بمال نيرون مستبيحها الذي يريد تدميرها جزاءً للشعب الذي
خرج في وجهه وتوعد بذلك في ما يشبه التصريح لوكالة رويتر للأنباء وفي تسجيل سري تم
تسريبه يأمر فيه قادته .. جلاوزته العسكريين ان يدمروا كل شي جميل في هذا الوطن
وان يكسروه وذلك نكاية بالشعب الذي لم يعرف واجبه نحوه كرئيس او كمقدس وثابت من
الثوابت الوطنية ، المقدس الذي يعتقد في قرارة نفسه بأن الشعب هو من اجل الرئيس لا
الرئيس من اجل الشعب وان واجب الشعب فقط ان يتلقى الفتات الذي يرميه له وان يتلقى
السياط الذي يلهب بها ظهره دون ان يتجرأ على الأنين ولا الثورة في وجهه ..انه منطق
المستبدين المتعجرفين ..
إنّ الواجب يقتضي منع عودة نيرون الجريح إلى
اليمن على الأقل بصفته التي خرج بها ، انه ان عاد وبصفته فإنما يعود لينتقم فوق
تنفيذ نياته السابقة لتلقيه عينة من السعير الذي يشب لظاه ، ولذا إما هذا و إما ان
تأكد شرفاء اليمن ان هذا غير متيسر فان عليهم ان يحسموا الأمر قبل عودته بحكمتهم و
حنكتهم وتجربتهم وإدراكهم لخبايا روما ، إنّ المبادرة الخليجية بعد حذف فترة الشهر
و الضمانات تمثل مخرج مقبول ومعقول من قبل شعب لا يمكنه القبول بشهر إضافي لنيرون
قبل جراحه .. كيف وهو جريح ، وبعد ان رفض هو عملياً حيلة الرحيل بشرف و بموجب نصوص
الدستور!!!
ما أحوج أحرار وحرائر الثورة الشبابية
الشعبية السلمية وهي في هذا المنعطف الحاد من عمرها إلى :
1 ـ شكر الله على توفيقه وسؤاله الإعانة على
ما بقي وهو ليس هين .
2ـ استذكار واستيعاب دروس الثورة الدستورية
ضد الإمام يحي حميدالدين في فبراير 1948م و مآلاتها حتى اسماها الرائع المرحوم
الكاتب الأريب(( حميد شحرة )) مصرع الابتسامة واختار الاسم عنواناً لبحثه المتميّز
عنها .
3 ـ حشد كامل إمكانيات وطاقات وحكمة مكونات
الثورة خاصة الطاقات والإمكانيات السياسية والاجتماعية والعسكرية والعلاقات العامة
الداخلية والخارجية .
4 ـ الالتحام والتآزر والتشاور والتواضع
والاستبصار للوقع ومكوناته وللخارج وتأثيراته في توكل على الله لا يعرف الحدود .
5 ـ الصمود في الميادين والساحات وتواصل
الفعل السلمي والدفاعي حتى إسقاط النظام القائم والاطمئنان إلى ذلك على اقل تقدير .