اليمن بين زمنين

على بساط من تضحيات : أروح ، دماء ، عرق ، أموال كريمة ، نصب ،عنت ، مشقة ، ينتقل اليمن ..يتحول.. يتقدم .. يغادر دنيا الكرامة المذبوحة على مذبح الصنم الى دنيا الكرامة المُصانة المُهابة...على بساط من تضحيات غاليات يسجل اليمن خروجه من غابة الاستبداد الى مروج العزة القعساء ، هي ملحمة الكرامة والشهادة وبامتياز في اروع تجلياتها ، وفي ذات الوقت يدفع الرئيس المخلوع المستكبر ثمن تكبره وترفعه الأجوف عن الاستماع لنصح الناصحين الحريصين على مصلحة الوطن ، وقد ظن أن لن يقدر عليه أحد ، فلديه العبقرية وللآخرين الغباء ، لديه القدرة والقوة ولدى الاخرين العجز والضعف.

ينتقل  اليمن من زمن الحاكم الصنم الى زمن الشعب وبأمتياز ، من زمن الحاكم الذي وصف ، ذات غرور، أقوى الاحزاب السياسية ثقلاً شعبياً ، وكادر قيادي ، وتكامل أداء ، بأنه مجرد كرت تم استخدامه ، الى زمن اثبت ذلك الحزب أنه كتيبة الوطن المتقدمة على الدوام ، تنظيم مشارك لاغنى عنه لصنع التحولات الوطنية ، زمن خُيّل للصنم ان الجيش الوطني مجرد أداة للقمع والإستعراض الى زمن يُثبت الجيش أنّه جيش الشعب والحارس الأمين للوطن ، ينتقل الوطن من زمن غلب على قناعة الشعب انه مغلوب على امره وسيبقى كذلك ، الى زمن يهب الشعب واثقاً من قدرته على أن يحيا طالما اراد الحياة ، فهنالك القدر الذي يستجيب.

يتحول اليمن من زمن تمكن دعي معتوه من تصنيع قنبلة موقوته ليفجرها في طريق الشعب إن اراد مغادرة مستنقعه الآسن ، إلى زمن يجري فيه ومنذ 11فبراير2011م تفكيك هذه القنبلة ، ويتولى اعمال التفكيك الأخيرة قائد عسكري تحول به الزمن اليمني من مجرد تابع الى رئيس وبثقة شعبية لم يحلم بها الرئيس الذي خلعه الشعب وهو يمضي يطالب بمحاكمته وقتلته لينالوا عقابهم الدنيوي اللائق بحجم اجرامهم وخيانتهم للوطن.

ينهض اليمن من زمن ساد فيه قانون القوة فعربد المعربدون و أظلم الضالمون فتجاوزوا المدى وعلت فيه الصيحات واشتد فيه الأنين حتى غدا ثورة مزمجرة تقتلع الطاغية الظلوم الغشوم ، من ذلك الزمن ينهض يمن الإيمان والحكمة الى زمن قوة القانون المنبثق من عقيدة الشعب وقيمه الأصيلة ودستوره الذي يجعل السلطة والثروة في يد الشعب يفوضها لمن يختار عبر نظام انتخابي ديمقراطي مكين بدلاً عن ذلك الزمن الذي أسرف فيه الحاكم الصنم من الأدعاء والزعم أنّه ديمقراطي ،ومضى يزايد بالديمقراطية وكأنه توماس جيفرسون في حين أنه لم يكن لديه من الديمقراطية الا القشور وورق الزيف المتعجرف الذي تذروه رياح الحقيقة .

يتحول اليمن من زمن كان روح العداء للوحدة يتصاعد تحت نار الكراهية التي يغذيها الصالح بحطب ظلم ابناء الجنوب ونهب الاراضي البكر هناك ومؤسسات حكومية في مقدمتها شركة التجارة لصالح مثلث برمودا التابع له فعلياً المسمى (المؤسسة الاقتصادية اليمنية) ، يتحول اليمن الى زمن وحدوي حقيقي جديد يتم فيه معالجة جراحات زمن الطالح و يتم المضي بالوحدة الى تمتين وتعميق ، زمن يتم فيه الإنتصار لوحدة 1990 من مناوئيها الذين يطمحون الى بناء مجد زائف جديد في جزء من اليمن على خرائب الوحدة الأندماجية .

يمضي اليمن قدماً في زمنه الانتقالي وهو له منه رئيس ، زمن فيه لابناء الوطن ـ ولاول مرة ــ رئيس يحترمونه ويثقون فيه ، يُقدرونه وينصتون له وينصاعون لامره ، رئيس قد يكون قليل الكلام لكنه غزير الفعال ، رئيس لايدعي الوطنية ولكنه يمارسها ، رئيس لايزعم انه هو الوطن وانما رئيس وقف نفسه فدائي من اجل الوطن من اول يوم ، رئيس لا تسمع أقواله ولكن ترى أفعاله ، رئيس محبوب لا رئيس يدعي ذلك الحب الأغلى والمبذول شعبياً لمن قدم مهره افعال ترجح مصلحة الوطن لا الفرد زاعم القداسة وهو في سواها غارق ،لأول مرة يكون لليمن رئيس حريص على مصلحة وطنه وشعبه لا على مصلحته كفرد ولا على مصلحة اسرته وجهته إلا بالقدر الذي يمنحه له من شرف ومجد حرصه وعمله الدؤوب من اجل مصلحة شعبه ووطنه ، رئيس يصطف معه شرفاء الوطن افراداً واحزاباً وقبائل وجماعات لانه ساع امين لتحقيق طموحات الوطن . رئيس يخدم اليمن لا يستخدمه ، ويبقى دوماً هناك قلة لا يُعجبها العجب ، قلة متشرنقة في غيّها ، قلة باغية على تنوع فيها:فلول نظام ساقط،طلاب سلطة وبمال مدنس على جزء من ارض الوطن:الجنوب،صعده،حضرموت،قاعدة الأولى بها تفكيك بنيتها التي غدت مخترقة ،تارة ،ومعول هدم تارة اخرى في بنيان المسلمين بنية حسنة يغيب عنها الفهم.إنّ للوطن وقواه الحية ما يخسرونه ، ولذا فالكياسة ، وقد صلحت النوايا وبرز صلاحها و نضج الفهم وتم به العمل،المضي نحو الغد برفق وتئوده،فما كان الرفق في شيئ إلا زانه وما نزع من شيئ إلا شانه ،كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .

ينتقل اليمن من زمن اثقل كاهله فيه الفساد المالي والاداري حتى اصبح عموم اليمنيين يكادون لابؤمنون بروح وطنية ولا بتضحية من اجل الوطن ولا برجال من اجل الوطن ولا بنساء من اجل الوطن ،لا يكاد احدهم يؤمن بشي يُبذل من أجل الوطن ،انما هنالك اعمال باسم الوطنية ولكنها في الحقيقة من اجل منافع ومكتسبات شخصية آنية أو مستقبلية أو كليهما معاً، لقد اثخن النظام البائد في عقليات وتفكير ابناء الوطن بفعل الفساد الذي نشره ونشر معه ثقافته في عموم الوطن ليضمن له البقاء ، زمن اوشك النظام الفاسد ان يُجهز فيه على الروح الوطنية وزمن النزاهة لولا روح وطنية ابت الا الصمود في وجه التيار الذي اراد اكتساحها واجتثاثها لتنهض تلك الروح وتجتث ذلك النظام الذي ناصبها العداء ونصب لها الفخاخ ولكن كانت خسارته في معركته

معها فادحة فيما كان نصرها وانتصارها مدوياً تتحدث وستتحدث به الركبان والعربان.زمن تضظرد فيه انهار الموارد الوطنية لتصب في محيط الوطن لا في مزرعة العائلة البغيضة .

يتخلص اليمن من زمن دولة الفرد ،الفرد المُعجب برايه وبشخصيته ،الفرد الذي ذهب يُسخر فيه الاقلام لتمدح في ضعفه وتُثني عليه وتكيل له الألقاب والاسماء رغم وضاعته وتقوقعه في فقاعة عبادة الذات والتنكر للوطن

واعتبار كل منجز وطني انما هو بفضل تعليمات الوثن الرئيس ،يستبدل اليمن ذلك العهد الكالح بعهد تسود فيه دولة المؤسسات التي يصب نتاجها ويرمي حثيث مساعيها في خدمة المصلحة الوطنية العليا .

ينتقل اليمن من زمن وصم فيه اليمن واليمنيين بالتخلف وسادت في خارج وطنهم النظرة الدونية لهم والاستخفاف بهم ،ينتقلون الى زمن تعود فيه لليمني سمعته وهيبته واحترامه مثله مثل بقية الناس من عموم الاوطان وتنوع المشارب .

يتجاوز اليمن بارادته الحرة وعبرها من زمن ساد فيه تغييب الشعب الا في مواسم الصنم الانتخابية ،الى زمن يحظر فيه الشعب وعلى الدوام في عنفوان الحضور ،حضور عصي على الغياب والتغييب مرة اخرى لا من اجل فرد ولا تنظيم سياسي ، انما يحضر الفرد وينصرف ويتشكل التنظيم السياسي ويمضي في مساعيه من اجل ان يحقق للشعب مزيد الحظور البهي السوسني.

يمضي اليمن وقد دفع بنيه الشرفاء ،وهم في استعداد لمزيد ذلك ان اقتضى حال الانتقال ، ثمن القضاء على استراتيجية ان يكدح الوطن ويشقى من أجل الزعيم وعائلته ، الى زمن تسوده استراتيجة الشعب في أن يسعد وينعم ويترقى ويُحقق احلامه المؤجلة .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص