لم يخسر الإصلاح شيئاً

إنه لأمر غريب أن يتم اجتياح العاصمة صنعاء بمثل تلك السهولة والتيسير الذي لاقته جماعة الحوثي (المسلحة) عند ما قررت استلاب سلطة الدولة وتجريدها من جميع الصفات والخصائص السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، في أقل من أربعٍ وعشرين ساعة، في حين ظلت هذه الجماعة سنوات عديدة وست حروب معدودة من أجل السيطرة على محافظة صعدة، مع أن تواجدها السكاني كثيفاً في معظم جغرافية المنطقة.

وبغض النظر عن الأهداف المعلنة أو الخفية لعملية الاجتياح فإن التجمع اليمني للإصلاح لم يخسر شيئاً جرّاء هذه الثورة المباغتة لمؤسسات الدولة والسيطرة عليها ونهب أغلى ممتلكاتها والتصرف فيها وكأنها من غنائم حرب الصرخة الحوثية التي يرددونها على مسمع ومراءى من العالم، في حين ظلت السفارة الأمريكية تنعم بالأمن والاستقرار وستظل كما اعتقد في ذلك الأمان والاطمئنان ونوم العافية لمن فيها.

إن الخسران من هذه العملية هو المواطن اليمني الذي قامت الجماعة الحوثية تستصرخه وتستنهض قواه للوقوف معها ضد الجرعة السعرية والحكومة الفاسدة ــــ كما يقولون ــــ ومن أجل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، وبالنظر إلى واقع الممارسة فإن هذه الأهداف لم تعد ضمن قاموس الجماعة منذ أن تم التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية، فقد تغيرت الأمور وسارت في مسارات مختلفة ومخالفة لما جاء في الاتفاق وبشكل لا يخفى على أحد، ومن هنا يمكن لنا أن نتساءل ما علاقة منزل الناشطة السياسية الحائزة على جائزة نوبل للسلام (توكل كرمان) بالجرعة السعرية أو الحكومة الفاسدة، وما دورها في تعطيل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، كما نتساءل ما دور قناة سهيل الفضائية في معارضة قضايا الثورة الحوثية، وما دور ...وما دور... وما دور... الخ.

ويمكن لنا أن نتوقع أن المستهدف من هذه العملية برمتها هو (التجمع اليمني للإصلاح) وإذا كان توقعنا صحيحاً فماذا خسر الإصلاح؟؟؟.

 

نسمع من البعض همسات التشفي وأنّات الحقد الدفين ممن يظنون أن الإصلاح قد خسر في هذه المغامرة خسارة كبيرة، ونقول لهم على هونكم فالإصلاح يحوز على نسبة أقل من عشرة في المائة من وزراء الحكومة التي قامت الثورة الحوثية ضدها، وعليكم تقسيم بقية النسبة على الجهات الأخرى، ومن ثم وزعوا نسبة الخسارة على هذا الأساس، وإذا كان الإصلاح قد خسر أثاث منزلي من البيوت التي تم استهدافها للنهب والتفيّد، فإنه لا يساوي قيمة مدرعة من مدرعات الجيش اليمني التي دفع قيمتها المواطن على حساب معيشته اليومية، والتي تقاطرت بالعشرات إلى جهات غير معروفة، وإذا افترضنا أن قناة سهيل الفضائية من أملاك التجمع اليمني للإصلاح فإن قيمة أدواتها المنهوبة لا تساوي ملء جونية من العملة الصعبة التي افتقدها البنك المركزي اليمني.

 

وفي مقابل تلك الخسائر المفترضة، فقد كسب الإصلاح ود واحترام الشعب اليمني والعالم أجمع، بصبره وتحمله مشاق ومتاعب الحفاظ على الدماء اليمنية لأنه يعتبر الحفاظ عليها من أسمى غاياته ومن أنبل أهدافه التي يعمل لتحقيقها ليل نهار، كما أنه فضل عدم الانجرار وراء خيوط المؤامرة الكبرى التي أراد له أعداء الشعب اليمي أن يسير بعدها للوصول إلى حافة الهاوية المراد إيصال اليمن وشعبها إليها، وبالتالي تحميل الإصلاح كافة النتائج والتبعات.

 

الإصلاح كسب الرهان على تحميله مسؤولية تفجير الأوضاع وخرج منها صافياً نقياً طاهراً من دنس تلك الحبكة الخبيثة، محملاً الدولة ومؤسساتها كامل المسؤولية والتبعات القانونية والأخلاقية في حماية المواطنين ودمائهم وأعراضهم وممتلكاتهم وهذا ما لم تقم به الدولة وأصبحت عاجزة أمام غوغائية الجماعات المسلحة التي باتت تعيث في الأرض فساداً، وسوف تتحمل كامل المسؤولية التاريخية عن كل ما يلحق بالمواطنين من الأذى وهي في موطن المتفرج وكأن الأمر لا يعنيها، في حين تصم الآذان بالحديث عن توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية والذي تم تحت رعايتها وفي دار رئاستها إن بقيت لها دار.

بقلم:أحمد طلاّن الحارثي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص