مع الانطفاءات الكثيرة والانقطاعات المتتالية التي أصبح معها الفساد يزكم الأنوف في كل مرفق من مرافق الدولة كان الأغرب والأنكى أن تلك الإقالات التي طالت الكثير من المدراء والمسئولين جاءت بترحيب ورعاية ممن يقفون في أحيان كثيرة على رأس ذلكم الفساد المستشري أو على أقل تقدير كانوا على علم بتحركاته وصولاته وجولاته لكنهم حينها لم يتخذوا أيَّ قرار، واتُخذ القرار لما كان الضرر ربما سيودي بكراسيهم إن لم يتحركوا في أسرع وقت ويقتنصوا أقرب فرصة ممكنة.
لقد آن لحضرموت أن تقف وقفة ضد الفساد، أياً كان نوعه وعن أية شخصية يصدر، لا أن يكون تأثيره الأقرب إلى زعزعة مشاعرنا، فنحن حينما أحسسنا بلسع الحر وضنك الرطوبة طالبنا باقتلاع مكامن الفساد في مؤسسة الكهرباء، لكن ما بال الفساد الآخر المستشري في كل مفصل من مفاصل حياتنا وينخر فيه كالسرطان وإن لم نشعر به إلا في نهاياته يوم يكون الأوان قد فات وشرب كل واد ماءه كما يقولون .
لقد خشيت أن يكون حالنا مع الفساد كحال ذلك الضفدع الذي وضع في وعاء ملئ بالماء ثم بدأ صاحب الماء بتسخينه تدريجياً، سنجد حينها أن الضفدع سيحاول جاهداً التكيف مع ارتفاع درجة حرارة الماء التدريجي بضبط درجة حرارة جسمه معه، ولكن عندما يقترب الماء من درجة الغليان يكون الأوان قد فات فيعجز الضفدع عن التكيّف مع الوضع هذه المرة، فيقرر في هذه اللحظة القفز خارج الإناء, ثم سنجده يُحاول القفز ولكن دون جدوى لأنه سيكون حينئذٍ قد فقد كل قوته وضيّعها خلال عملية التأقلم مع درجة حرارة الماء المرتفعة, وسرعان ما يموت ، لكن لو تساءلنا في هذه الحالة عن سبب موت الضفدع، ربما الكثيرون منا سيقولون الماء المغلي هو الذي قتله .لكن الحقيقة أن ما قضى عليه هو عدم اتخاذ قرار بالقفز خارجاً في التوقيت المناسب !كلنا بحاجة إلى التكيّف مع الأوضاع التي نعيشها، لكننا بحاجة أكثر إلى معرفة متى نحتاج إلى التأقلم وإلى أي درجة ومتى نحتاج إلى مواجهة الوضع بفساده وعنفوان المفسدين، علينا حينئذٍ اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وألا نسمح لأولئك المفسدين باستغلال ثرواتنا وقدراتنا وأموالنا وإلا قُضي علينا.
يجب أن نتكاتف جميعاً لإيقاف موجة الفساد في حضرموت، فإلى متى سنظل سكوتاً لا نحرك ساكناً تجاه ما يُحاك ضدنا من مؤامرات النهب المنظّم ؟!، وإلامَ لا نحتج على هذا الواقع المريع الذي ما برحنا نتجرّع غصصه كل يوم ؟!!، فيا أيها الكرام هبوا .. هبوا فقد حان الأوان ..
بقلم : أحمد عمر باحمادي