يظن الكثير بأن ( الرجال من المريخ والنساء من الزهرة )، لذا عليهن أن يهتممن بأمورهن ولا يتدخلن في شئون الرجال، ومنها تخصصات وشئون اعتُقد بتعاقب الزمن أنها حكر على الرجال دون النساء، ولعل منها مهنة الصحافة هدف مقالتي؛ وإلا فإن التخصصات موضع الخلاف كثيرة ومتعددة وتستعصي على الحصر، ففي الإطار المحلي ـ هنا في حضرموت ـ على سبيل المثال لا الحصر لم نجد إلى اليوم كثيراً من الصحفيات اللاتي يتمتعن بالمهارة المقتدرة والطرح القوي والروح الطموح والفكر المتوقد الشجاع لطرق كثير من قضايا النساء الحضرميات، ونحن إذا قررنا ذلك لا نعني على الإطلاق أن تتحرر المرأة أو تتمرد على تعاليم الدين وأعراف وتقاليد المجتمع بل تكون تحركاتها وتفاعلاتها منضوية تحت غطاء ديننا الإسلامي الحنيف، ملتزمة بأوامره ونواهيه ومتخلقة بأخلاقيه الزكية ومثله الطاهرة العليا، ويمكنها حينئذٍ أن تبدع صحافة نسائية محافظة وشجاعة في آن واحد، ولا ينحصر عملها عندئذٍ كما نرى بقراءة مواجيز الأخبار في الإذاعة أو الاهتمام بصفحات نسائية في صحف أو مجلات تحرص على الإتيان بمواضيع منقولة من مصادر أخرى أو العناية بأمور الطبخ والبشرة وتربية الأطفال، ومع أهمية هذه الأمور لا نقلل منها كما قد يفهم البعض لكن ما نود قوله أنها لا تكفي لصنع صحافة نسائية تتمتع بنوع من الاستقلال الذي يبعث على الاحترام، فإلى الآن لم نجد مجلات أو مواقع إليكترونية أو مدونات أو منتديات تديرها أقلام نسائية تعبر أصدق تعبير عن قضايا المرأة بشكل مبدع بعيداً عن الاهتمامات الاعتيادية الروتينية.
يمكن لنا أن نؤكد أن على المرأة الحضرمية الصحفية ـ موضوع مقالنا ـ أن تسعى جاهدة أن تتبوأ مكانتها بجانب الرجل الصحافي، وتطالب بحقوقها وتعبر عن قضايا وقضايا مجتمعها وتعدّ نفسها للمنافسة في هذا الميدان الصعب المتعب بأن تنمي مداركها العقلية وتكون ذات فكر راقٍ وثقافة واسعة بعيدة كل البعد عن الاهتمامات البسيطة الساذجة والمآرب الهزيلة، وهنا أجد نفسي مضطراً أن أصارح الجميع بأننا في أواخر شهر يونيو المنصرم 2014م قد احتفلنا بتخريج مجموعة كبيرة من الصحفيات والصحفيين الخريجين من قسم الإعلام والصحافة بجامعة حضرموت، لكننا للأسف الشديد لم نجد أثراً ـ حتى الآن ـ يُذكر للصحفيات الخريجات على وجه الخصوص، ولم نرَ نتاج أياً منهن على صفحات الجرائد أو بين الأقلام في ساحة الصحافة الإليكترونية على أقل تقدير، ولا ندري بالضبط أين يكمن الخلل، وإذا أرنا التوسع في هذا الموضوع وهو هام جداً فسيتطلب الأمر منا دون شك إلى وقفة أخرى.
ومن هذه الناحية يمكن لنا أن نقول أننا بالفعل بحاجة ماسة إلى صحافة نسائية حضرمية تساهم في تنمية الوعي وتبصير الناس بأمورهم وإيقاظهم من غفلتهم، وتحرص بنحو خاص على الارتقاء بواقع المرأة الحضرمية الفاضلة كعنصر فعال من عناصر المجتمع الحضرمي بصفتها قائمة بوظيفة أساسية إذ هي مربية للأجيال الصالحة ومصنع للرجال الأشاوس، والنصف الآخر للمجتمع الذي لا نقبل ولا يقبل كل العقلاء وذوي البصر النافذ بأن يظل في حالة شلل أو ضعف أو هزال، وكما تساعد الفتاة أو الشابة الحضرمية الطموحة على ألا يخفن من التصريح أو البوح بكل جرأة ـ في حدود الضوابط التي ذكرناها آنفاً ـ بآمالهن المستقبلية وأفكارهن وأحلامهن التي تختلج في أعماقهن وتستجيش بها صدورهن لأن رقي المرأة يعني رقي الأمة والمجتمع.
بقلم : أحمد عمر باحمادي