الذي يختلج إلى الصدور ويضفي على النفس والروح السعادة والطمأنينة ذكر الله سبحانه وتعالى، فذكر الله هو ترجمة لشكره على نعمه الكثيرة وأجلها نعمة الهداية للإسلام قال تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين).
فالعبادات كثيرة ومتنوعة لكن أفضلها ذكر الله، ألا فلنجعل حياتنا ذكر لله، روى الترمذي والحاكم أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لسانك رطباً بذكر الله).
فذكر الله حياة القلوب والنفوس، وأما الغافل عن ذكر الله فهو ميت وإن كان حياً، فحياة النفوس باتصالها بربها سبحانه وتعالى، قال الإمام ابن تيمية في كتاب [الوابل الصيب 36]: (الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء)، وكلما كان ذكر الله يغترف منه العبد من معين سنة النبي صلى الله عليه وسلم كلما كان أنفع للنفس والقلب، فالسنة النبوية زاخرة بالأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام ابن القيم في كتابه [الفوائد 260]: (وأفضل الذكر وأنفعه ما وطأ فيه القلب اللسان، وكان من الأذكار النبوية، وشهد الذاكر معانيه ومقاصده).
ليكن لسانك بالحمدلة (الحمد لله) ومسبحاً بـ (سبحان الله) ومكبراً (الله أكبر) ومهللاً (لا إله إلا الله) ومصلياً على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم في كل حين لاسيما الفراغ من المجلس وغيرها من الأذكار الثابتة التي تبعث النور والسعادة والحبور في النفس، قال الإمام الترمذي معقباً على حديث: (رغم أنف رجل) 5 / 551: (يروى عن بعض أهل العلم إذا صلى الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم مرة في المجلس أجزأ عنه ما كان في ذلك المجلس).
ففي ذكر الله طوق النجاة، وهو السبيل للتخلص من وسوسة إبليس والنجاة من شروره وسيئاته ومعاصيه، وهو الناجي من نار تلظى يوم القيامة، قال سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه: (ما عمل العبد عملاً أنجى له من عذاب الله، من ذكر الله)، ناهيك أن ذكر الله له فوائد يحس بها العبد الذاكر إذا ذكر الله، منها أنه طارد للشيطان، جالب لرضى الرحمن، ومزيل للهم والغم، جالب للقلب الفرح والسرور، ينير الوجه والقلب، ويجلب الرزق، ... وغير من الفوائد الجمة التي يجدها الذاكر لربه ومن بينها وبسطها الإمام ابن القيم في كتابه الفوائد (83 ـ 153).
فيا من تبحث عن راحة البال وطمأنينة النفس فاذكر الله صباح مساء، واجعل لسانك رطباً بذكر الله، تنل طمأنينة وسعادة وحبور، قال تعالى: (الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
بقلم الشيخ : محمد سالم هبيص