لماذا ثورة تونس صمدت أكثر من غيرها في وجه مؤامرة الثورات المضادة على الأقل حتى الآن ؟؟؟ بإعتقادي الشخصي أن ثورة تونس لم تكن تقليداً وتأثراً عاطفياً آنياً مثل باقي الثورات التي جاءت بسبب تأثر عاطفي لحظي واقع تحت تأثير الانبهار والإعجاب الطاغي بما حصل في تونس ثم ما لحقه من تداعيات في باقي دول الربيع الأخرى . فثورة تونس كانت أبنة البيئة ونتيجة الحاجة وإبداع الشعب نفسه ونتاج وعي تراكمي لدى شعب مثقف وواعي ونخبة عركتها التجربة والسنون .. ولم تكن تقليداً لأحد بل إبداع تونسي محض .
لذلك نرى ثورة تونس تسير بخطى جيدة وحسنة مقارنة بغيرها من ثورات الربيع العربي الأخرى ، التي تعثرت خطواتها سريعاً لعدم وجود المعطيات الكافية لنجاح الثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ربما . هذه لا يعني بأن ثورات الربيع العربي في باقي الدول العربية ليست ثورات حقيقية أو أنها لاتمتلك المبررات أو إنها حتماً ستفشل . لا طبعاً . لكن لابد من إعطائها وقت كافي حتى تنضج الرؤية لدى تلك الشعوب وتتوفر مقومات نجاح الثورات . أظن أننا في حاجة إلى وقت يتراوح من 5 - 10 سنوات حتى نصل إلى نجاح كامل للثورات العربية الحالية وتتوفر المبررات لقيام ثورات في باقي الدول العربية والأخرى .
الحقيقية أن الشعوب العربية اندفعت في ما عداء تونس طبعاً تردد هتافها الشهير ( الشعب يريد اسقاط النظام ).. وكان شعاراً براقاً ورائعاً وجذاباً ، وفعلاً نجح في إسقاط رؤؤس أو رموز الأنظمة التي ثار عليها إلى حد ما لكن التحدي الأكبر والذي لم تحسب الشعوب حسابه هو : وماذا بعد إسقاط النظام ؟؟؟ أو بعبارة أدق كيف ستبنون النظام الجديد بعد سقوط النظام الحالي ؟؟؟ ولأنه حتما بعد الإسقاط لابد من بناء ... هذا السؤال لم يكن واضحاً لدى الشعوب العربية الثائرة ولا حتى لدى النخبة السياسية للأسف . وخلاصة القول أنني هنا لا أشكك في أن ثورات الربيع العربي كانت محقة في قيامها وثوراتها ، ذلك لأن الأنظمة العربية دون استثناء قد فقدت صلاحيتها وكان لابد من قيام ثورة ضدها لإسقاط شبحها عن كاهل الأمة وأن استمرأها يمثل كارثة حقيقية . لكن المشكلة كانت بكل أسف أن الجهل والتخلف وسنين من الضياع الذي عاشته هذه الأمة لم يوفر نخبة ولا شعوب قادرة على إيجاد وإقامة نظام دولة عصرية حديثة كما يريد هو حينما يتمكن من إسقاط هذه الأنظمة المهترئة .
فكان حال الشعوب العربية الثائرة كمن خرج من بيته القديم الذي اصبح آئل للسقوط لكنه وجد نفسه في العراء لأنه لم يكن مستعداً من قبل ولا قادراً الآن على بناء بيت جديد يؤيه ويؤي أفراد اسرته .. لذا لابد عليه من أن يتحمل حر الشمس وقيض البرد وشدة الرياح والعواصف والأمطار لفترة من الزمن حتى يتمكن من بناء بيت جديد يناسبة ويناسب اسرته ، ولاشك بأنه تحت الحاح العائلة وضغط الحاجة الماسة سيبني بيتاً يؤيه ويضم أفراد العائلة من الضياع ...
لكن متى سكون ذلك وكم من الوقت يحتاج ؟؟؟؟ أظن اننا في حاجة إلى وقت يتراوح مابين خمس إلى عشر سنوات والله أعلم واحكم .. بقلم : محمد احمد بالطيف