على الرغم من بوادر الشك التي لاحت عقب قيام مجموعة مسلحة من تنظيم القاعدة بمداهمة عدد من المنازل التي تتبع مجموعة من المسئولين الحكوميين الذين يُعتقد انتسابهم أو تعاونهم مع الأمن القومي، في حين اختفت قيادات أخرى فجأة عن الأنظار إلى جهات غير معلومة هرباً من ملاحقة " أبناء حضرموت " التابعين لأنصار الشريعة حسب ما أفادت الأخبار، في الوقت الذي تزامن فيه إصدار أحد قيادات التنظيم عفواً عاماً عن كل من أساء للتنظيم، لكن يبدو أن الأمور لا تزال تمضي في سيرها الحثيث نحو الغموض حتى هذه الساعة . لم نلبث كثيراً حتى أعلنت القاعدة أنها بسطت يدها على مجموعة من الوثائق في غاية الأهمية والخطورة، وصفت على أنها ( سرية وخطيرة جداً ) بعد أن قاموا بالاستيلاء عليها من مقر الأمن القومي، وحينها أعلنت بعض المواقع الإخبارية وكنوع من السبق الصحفي أن تلكم الوثائق ستُنشر على الملأ ليطلع عليها المواطنون. ومن المرجح أن تكشف الوثائق عن أسماء المنتسبين لجهاز الأمن القومي والمتعاونين والمبالغ التي يستلمونها جراء تقديم معلوماتهم الاستخباراتية للأمن، علماً أن أصابع الاتهام قد أشارت فيما مضى عن ضلوع جهاز الأمن القومي في عدد من جرائم القتل التي شهدتها المحافظة، وراح على إثرها ثلة من الكوادر المقتدرة في البلد، مما تسبب في موجة من الغضب والسخط بين صفوف الجماهير، كما أن عمليات النهب والسطو التي حدثت في الآونة القريبة لا بدّ وأن تكون الأيدي الأمنية هي التي قامت بتحريكها لإثارة الفوضى في المحافظة حد قول وسائل الإعلام التي نشرت الخبر. من الواضح أن هذه التسريبات ستبعث الخوف في نفس المتورطين ـ وما أكثرهم ـ ولعلها ستنزع الكرى من أعينهم، فكل شخص قد تورط ببيع نفسه ومبدئه وقيمه ورجولته لمثل هذه الجهات الشيطانية من أجل مصلحة ذاتية أو منفعة آنية سيكون وضعه حرجاً للغاية إن تم حقاً إذاعة الأسماء في تلك الوثائق، ولست أظنّ أن أحداً سيكون أسوأ وجهاً ممن باع وطنه وشعبه من أجل حفنة من الريالات، أو متاعٍ من الدنيا قليل. ونحن إذا ما دققنا وأنعمنا النظر في مثل هذه الحوادث سنجد أن الزمن دوار، والتاريخ يعيد نفسه، ففيما مضى وخلال حرب صيف 94 م انكشفت سوأة الكثير ممن كانوا يعملون مع الحزب الاشتراكي الماركسي اللعين وممن كانوا منضوين تحت لواء للجانه الأمنية المشبوهة، هؤلاء ( الصهاديد ) الصناديد الذين كم ظلموا وهتكوا الأعراض ووشوا بالكثير من أهل الصلاح والاستقامة حتى قضوا سحابة أعمارهم في ظلمة سجونهم الكئيبة، لا زالوا معروفين للكل حتى اليوم والليلة، ومنهم من أدركته رحمة الله فطلب السماح ممن ظلمه، ومنهم من أصر على موقفه حتى رأينا فيهم عجائب قدرة الله في الدنيا قبل الآخرة. إننا لسنا في حاجة اليوم إلى أن ننكأ الجراح، ونوزع التهم جزافاً، بقدر ما يؤسفنا أشد الأسف أن نرى أمثال هؤلاء الحمقى بين أظهرنا، ثم هم يطعنوننا في الظهر دون ندري، فهؤلاء ينبغي أن نفطن لهم قبل أن نشك في من هم من غير جلدتنا، وعندها أعتقد ألا أحد سيرحمهم أو يتعاطف معهم إن ثبت سوء ما اقترفته أيديهم الآثمة.
إضافة تعليق