لا يخفى على العالم كله ما يمر به اليمن عامة وما تشهده الساحة الحضرمية على وجه الخصوص ، لكن قد يخفى على الكثير ما كان يسعى اليه الناصحون والخيرون من أبناء هذا الاقليم العريق التاريخي ، وما يتمتع به أبناؤه من سمعة على مر التاريخ وذلك جعل هذه البلاد آمنة مطمئنة بفضل الله أولا، ثم بما يتمتع به أبناؤها من سجاياء وسكينة ورجاحة عقل ويشهد بها لهم القاصي والداني في مواجهة مثل هذه الأمور بما تحتاجه من مواقف . وبكل صدق فإن الخيرين قد انطلقوا وقبل ان تتفاقم الأمور لإبراز عمل تتقاطع فيه جهود كل الخيرين في هذا الاقليم الطيب لتجنيب بلادهم ما يحل بمناطق أخرى وجعلها آمنة ومطمئنة وان كان كل مكون او فريق اتخذ له منطلقا لتحقيق هذه الغاية السامية . وبغض النظر عن الانتماء والتصنيف والقناعات الا انه ما دامت قد اتحدت الغايات فالواجب على الجميع ان يجتمع حول هذا العمل، وأن هذا ما يدعو اليه الدين والعقل والمنطق وتثبته الفطرة السليمة ، وأن الجميع مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى الى الشعور بالمخاطر التي تتهدد بلادهم وامنهم وأهليهم وأن أي جهد ومن أي جهة كانت يصب في ذلك الهدف يجب ان يجتمع عليه الجميع ويتحمل أمانته، وأن أي تفريط في ذلك سيغرق السفينة بمن فيها وان اللحظة ليست لحظة تلاوم وانتقام بقدر ماهي لحظة تلاحم وتآزر . ولعل ولادة المجلس الأهلي بحضرموت وفي مثل هذه اللحظة الفارقة التي يحتاج الجميع فيها الى ايجاد اطار يلم به الشمل ويوحد به الصف وتبعد به ويلات الحروب والاحتكاك بين أبناء الوطن الواحد ليبعث ـ عند كل ذي لب وأخلاق ومبادئ ـ بصيص أمل يتطلع اليه الصغير والكبير والقادر والعاجز لمثل هذا العمل المشكور أصحابه والمأجور فاعله ويحمله على مباركة هذا الجهد والاجتماع حوله واخراجه كعمل للجميع ولهم . وفي تقديري ان على جميع المكونات ان تنظر الى النتائج والمآلات ويبتعد عن التعصب والانتماءات وينظر لدوره في انجاح الهدف لا لمغنمه للمشاركة فيه لكي يتحقق هذا الجهد المبارك ويمكن الوقوف عند الأمور التالية . أولا : أن يعتبر الجميع وبدون استثناء أن هذا العمل منهم واليهم وان نجاحه الحقيقي للمشاركة لا بالمشاكسة ثانيا : أن تكون هذه المبادرة الطيبة طيبة على نفوسنا وملمة لشتاتنا وان الجهد لابد أن ينصرف في كيفية انجاحها وتسديدها لا في افشالها وتعطيلها . ثالثا : أن هذا السعي لا يمكن ان ينجح الا بمشاركة الجميع الذين كان سعيهم شتى في تحقيق مثل هذا الهدف فلإن تشتتوا في الوسائل والطرق فلابد ان يجتمعوا في النتائج والمآلات ويجتمعوا على كلمة سواء لابرازه وانجاحه . رابعا : اننا في امس الحاجة لاستحضار روح المسؤولية والتحمل وعدم استحضار روح المآسي واستجرار الماضي، الذي لو استحضرناه ووقفنا عند تفاصيله لجرنا الى العيش فيه لا التخلص منه . خامسا : النظر الى لحظة التحدي الحرجة التي يمر بها قطرنا الحبيب واننا جميعا قد ركبنا في هذه السفينة ، فإن اعنّا من تصدى لقيادتها ليخرج بنا الى بر الأمان فإنا قد فلحنا ونجينا جميعا وان وقفنا عند لحظة الاختلاف وتحديد الاتجاه ربما ضاعت سفينتنا وغرقت في امواج الفتنة القائمة . سادسا : ان كثير من المشاعر التي تقذف في النفوس في مثل هذه اللحظات من الشعور بالتهميش والاقصاء أو تثبيت الانتماء او الاستئثار بالقرار أو ما يتوهم من المماحكات واللف والدوران عند الغير لهو من وساوس الشيطان ونزعات ما يدور في النفوس تضييعه الجهد وتفريق الصف واننا نستطيع التغلب عليها بالاقتراب من اخواننا واعانتهم على هذا الجهد المبارك وأخيرا اننا ابنا حضرموت جميعا اليوم في مفترق طريق ومنعطف خطير يقذفنا الى امتحان صعب تكون فيه اخلاقنا ومبادئنا وثقافتنا الدينية وسجايانا المعروفة هل نستطيع ان نثبت عليها ونثبت للجميع أننا كما عهدونا من ذي قبل وأننا مهما حلت بنا من مصائب وجالت علينا من محن فإنها لا تغيير في سجايانا وديننا وأخلاقنا شيء بل تسقط ما بيننا من اختلاف وتجمع ما بيننا من شتات وتوحدنا على كلمة سواء تثبت اننا كما عرفنا الداخل والخارج اننا ذلك الحضرمي الذي قال فيه الشاعر علي احمد باكثير ولو ثقفت يوما حضرميا ××× لجاءك آية في النابغينا وأن ابناء هذه المحافظة في الداخل والخارج مدعوون لإثبات هذه الحقيقة الماثلة للعالم كله اننا على عهد آبائنا وثقافتهم وسجاياهم التي ربونا عليها وتحملانها عنهم . كتب / علي مبارك ملص
إضافة تعليق