]إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُـواْ إِخْـوَانَ الشَّيَاطِـينِ وَكَانَ الشَّيْطَـانُ لِرَبِّهِ كَفُــوراً [ [الإسراء:27]
المسرفات نسوة رمضانيات مبذرات يهجمن على الأسواق آخر ربوع في شوال لشراء كماليات ، وآخر أسبوع في رمضان لشراء ملابس وحلويات العيد ، يرهقن ميزانيات بيوتهن حين تفلت بوصلة تدبيرهن لمطابخ بيوتهن في رمضان فبدلًا من توفير قيمة وجبة يوميًا بسبب الصيام تتضاعف نفقات شهر رمضان أضعاف أضعاف ..
والتبذير : انحراف عن حــد العدل ، وتفريق المال في غير وجهه ، أو إنفاقه في المباح إذا بلغ حد الإسراف ، فالتبذير مرادف للإسراف والإفراط في الملاذ . ووجه النهي عنه : أنّ المال جُعل عوضًا لاقتناء ما يحتاج إليه المرء في حياته من ضروريات وحاجيات وتحسينات . والمقصود الشرعي أن تكون أموال الأمة ثمرة لها ، وقوة بناء لها ، وأساس مجدها والحفاظ على مكانتها حتى تكون مرهوبة الجانب ، مرموقة الاعتبار ، غير محتاجة إلى من قد يستغل حاجتها فيبتز منافعها ويُدخلها تحت سلطانه كما ذكر ابن عاشور [في تفسيره : التحرير والتنوير14/64ـ66]
معظم بيوتنا تعاني من إسراف النساء في رمضان وفقدانهن بوصلة تدبيرهن لشؤون منازلهن فتجد التبذير غير المبرَرَ والاستهلاك المفتعل في مائدة الإفطار وحدِّث ولا حرج ، سنبوسات لكل فرد عشرات والزائد تقسيم آخر الليل على الأولاد أو الأغنام والمواشي أو إلى القمامات ، أشياء أخرى تشغلهن في المطابخ طول النهار فلا ذكر ولا دعاء ، شربة بالصحاف ورز بالتباسي الكبيرات ، وفوقه جلي وكرملا وصحان كيك بالفصوص وآخر بالشكليات والبسكويت وأشياء نعرفها وأشياء حتى هن لا يأكلنها فلماذا يطبخنها ؟ أنه الاستهلاك والعياذ بالله من الاستهلاك غير المبرر . أما الشربات فكل مستورد : هذا ديبيز أحمر وذاك صنكوك أصفر وهذا بنكهة الليمون أخضر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لم يكن أهلنا يعرفوا إلا فنجان شريخ زائد زنجبيل ، وواحد تنقويزي، وفنجان قهوة بسكر أحمر وهيل وقرفه وشمار يصم الرأس صم . وآخر الليل كأس مريس أو كما يسميه آخرون مديد ، أو كأس روبة إن كان الفصل صيف ، لأن الروبة في الصيف لقلبك وفي الشتاء أطعمها كلبك .
تحول شهر رمضان عندنا كما هو عند أكثر المسلمين اليوم إلى مناسبة للتنافس في تحضير ألوان من الأطباق والموائد ، حتى ارتفعت نسبة الاستهلاك العربيللكماليات والتسوق في رمضان ، قيل أن الأنفاق العربي في رمضان تجاوز 5 مليون دولار . والأصل أن توفر العائلات والأسر المسلمات ثلث ميزانيتها خلال شهر رمضان لأنها تقتصر على وجبتين فقط بينما تأكل في غير رمضان ثلاث وجبات !!
أيسرُّ نسائنا أن يكن من أخوات الشيطان ، طبعًا لا ، لكن التبذير عملٌ شيطاني ، لأنه إما إنفاقٌ في فساد ، وإما إسراف ستنزف المال في السفاسف واللذات ، فيعطل الإنفاق في وجوه الخير ، وكل ذلك يرضي الشيطان ، فلا جرم أن كان المتصفون بالتبذير من جند الشيطان وإخوانه : ]إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُـواْ إِخْـوَانَ الشَّيَاطِـينِ وَكَانَ الشَّيْطَـانُ لِرَبِّهِ كَفُــوراً [ [الإسراء:27] أفلا نحذر من أعملٍ هو من شأن الشيطان فننقلب من إخوان الشياطين . قال تعالى : ]يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[[لأعراف:31] والإسراف تجاوز الحد المتعارف عليه في الشيء..والله : ]لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[ لأن الإسراف يعود بأضرار على البدن وتنشأ عنه أمراض عضال .. ولأن مقدار الإسراف لا ينضبط فلا يتعلق به التكليف فيوكل إلى تدبير الناس ومصالحهم كما ذكر ابن عاشور [في تفسيره : التحرير والتنوير 8/73 ] قال تعالى : ]وَأَنَّ الْمُسْــرِفِــينَ هُـمْ أَصْـحــَابُ النَّارِ [ [غافر:43]
السوق معترك الشيطان ينصب فيه رايته ، وفيه خير وشر فلا تذهب إليه إلا لحاجة ماسة ، وأحفظ العشر الأواخر من التسكع فيها : وقد كان رسول الله r إذا دخل السوق قال : ( باسم الله ، اللهم إني أسألك من خير هذا السوق وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها اللهم إني أعوذ بك أن أصيب فيما يمينا فاجرة أو صفقة خاسرة )[رواه الطبراني] فلا بدَّ من التأدب بآداب دخول السوق ، ومن أهم الآداب :
- لا تذهب إلا لضرورة حقيقية ماسة .
- لا تنسى الدعاء وليكن لسانك رطبًا بذكر الله فيه : ففي الحديث : (من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة )[رواه الترمذي و قال هذا حديث غريب ، قال الألباني : حسن]
- وصف الله عباده بأنهم : ]رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [[النور:37]
- إخلاص النية لله تعالى في الذهاب ، ومنه إدخال السرور على الأهل والأولاد بقضاء حوائجهم .
- كن سمحًا إذا بعت ، وإذا اشتريت ، ولا تكثر الحلف .
- اصطحب بعض أولادك معك كي تعلمهم آدابه عمليا . واجعل لهم ميزانية محددة ومناسبة لتدريبهم اقتصاديا ، واترك لهم حرية اختيار حوائجهم ما دامت مناسبة ومشروعة .
- لا ترهق جيبك في التسوق غير الهادف .
- احذر من إضاعة صلاتك ، بل اقطع تسوقك حين الصلاة ، وتوجه إلى أقرب مسجد
- بقلم الاستاذ : محمد يسلم بشير