الكهرباء والمجلس الأهلي .. وبسمة السخرية .. !!

  لم أتمالك نفسي من أن تفترّ شفتاي عن ابتسامة هزء وسخرية حينما قرأت عنواناً لخبر مفاده أن المجلس الأهلي يقول : ستحل مشكلة الكهرباء قريباً وسوف تستمر في العمل في رمضان وما بعد رمضان بإذن الله تعالى.   كان ينبغي لمن يقول تلك التصريحات الفضفاضة أن تكون لديه على الأقل جهود ملموسة في حلحلة الوضع القائم، والعمل على إيجاد المعالجات الكفيلة التي تنهي معاناة الناس الحالية والتي واجهوها خلال أيام صعاب من الحر والقيظ والرطوبة والنهار الطويل، وانقطاعات استمرت لأكثر من يوم كامل أو لأكثر من خمسة وثلاثين ساعة متواصلة، ذاق خلالها الناس صنوفاً من العذاب الصيفي ! جرّاء ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقارب من الأربعين درجة مئوية.   والواقع يثبت أن من يسعى لحل مشاكل الكهرباء التي يكمن أسّها وأساسها في نفاد مادة المازوت المشغل للمولدات الكهربائية، هم مجموعة من الجنود المجهولين، ممن يمتلكون روحاً كبيرة وعزائم جبارة من التضحية والمثابرة وحب الأهل والوطن وتفضيلهم على المصالح الشخصية وحب الذات والجلوس تحت برودة المكيفات الهوائية وارتشاف الشاي وأكل الكبسات. من أولئك المثابرين الذين يستحقون منا كل الشكر والامتنان على جهودهم هم الدكتور عادل محمد باحميد محافظ محافظة حضرموت، والأستاذ الفاضل محسن على باصرة عضو مجلس النواب، والمهندس تمّام فيصل بن شملان الذي يعمل في مصافي عدن، والأستاذ خالد عمر بلفاس القائم بأعمال مدير عام مديرية المكلا، وغيرهم من الجنود المحبين للوطن ممن أثبتوا عظيم سعيهم الحثيث، ومتابعاتهم المستمرة لاستجلاب مادة المازوت عبر الباخرة سيكم فينول رجل الأعمال أحمد العيسي المالك لشركة عبر البحار، ومتابعتها أولاً بأول، والسعي لاستمرار رحلاتها مستقبلاً لجلب المزيد من المازوت.     إن القضاء على معاناة الناس وإبداء الرحمة بهم وبمآسيهم لن يتأتى إلا ببذل الجهود المتواصلة والمساعي الجادة والصادقة لانتشالهم من وضعهم البائس كما فعل أولئك الصادقين ممن نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً، وليس بالتصريحات الجوفاء وإهمال معاناة الناس والحرص والانشغال بأمور ثانوية من قبيل اكتساب الأرباح من صفقات المحروقات، وتحصيل الضرائب والجمارك، وجباية الأموال، والعمل كمحلل لمن نهب أموال الشعب ومقدراته ظلماً وعدواناً، وكان الأحرى بهم اليوم أن يضعوا أيديهم في أيدي هؤلاء الرجال الصادقين حتى ينجزوا من الخطط والمشاريع كل ما من شأنه أن ينفع أهليهم ومحافظتهم.   لقد شدني منظر في إحدى الصور في مواقع التواصل الاجتماعي التي التقطها أحد الزملاء الصحفيين في منطقة الشرج، وتظهر فيها أكوام القمامة والقاذورات متكدسة في أحد الشوارع ناشرة بين جوانبها الروائح الكريهة والأمراض والعلل، في حين لم يلتفت إليها ولأمثالها الإخوة القائمون في المجلس الأهلي الحضرمي، وبدا أن حملات النظافة التي أقيمت من قبل، وصُوِّر فيها المسئولون وهم يقومون بالتنظيف ليس إلا مظاهر خادعة زالت بزوال الأضواء وعاد الحال على ما هو عليه،   الأمر الذي يضع علامات استفهام وتعجّب كبيرة على مدى الحرص الحقيقي في القيام بالمسئوليات الملقاة على عواتقهم بكل مصداقية وأمانة، ولو فعلوا ما وسدوا من مسئوليات لما رأينا شيئاً من تلك المظاهر المقززة، وما يتبعها من تسيب كبير وتساهل في ممتلكات الدولة العامة كسرقة الديزل المخصص للمستشفيات الحكومية التي بدأ الناس يتحدثون عنه اليوم وصعد دخانها النتن إلى السطح، وأمر التلاعب بكميات المحروقات المرصودة، مما يستوجب القيام بتحقيقات جادة من قبل المعنيين، وعدم ترك الأمور على عواهنها كما هو حاصل اليوم.   لقد كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن الكهرباء ومشاكلها وأزماتها، وباعتقادي فإن التبجح من قبل المجلس الأهلي الحضرمي بحل الإشكالية حلاً جذرياً كأنه يملك عصا موسى، أو مصباح علي بابا السحري يورث الكثير من الشك والريبة، فالجواب كما يقال يتضح من عنوانه، ومن لم يستطع القيام بأمور أقل تبعة من مشاكل الكهرباء وما يشبهها، فما دونها أولى ألا يُستطاع وسط عجز أو تعاجز ينكره المواطن البسيط من قبل الشخص المدقق في الأمور، الناظر إليها بعمق ورويّة.   يمكن لنا أن ـ أيها السادة الأفاضل ـ أن نحلم دائماً، وجدير بنا أن نطلق لأنفسنا عنان التحليق في الخيال، لكن لا بدّ لنا أن نعمل لتحقيق تلكم الأحلام، ونبذل طاقة جهدنا لعكسها حقائق ملموسة على ظهر الواقع، عندئذٍ وعندئذٍ فقط يمكن لنا أن نصنع أردية المجد من نسيج الحياة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص