وصايا  مـع عـامٍ التعليم وعام دراسي جـــديد 

أبناؤنا .. زرع .. يحتاج .. جهد

بالعلم تبنى الأمجاد ، وتشاد الحضارات ،و تسود الشعوب ، وتبنى الدول ، ولا يستطيع أحد أن يقدم لمجتمعه خيرًا ، ولأمته عزًا ومجدًا إلا بالعلم .

 ونحن أمة كان الهتاف الأول في رسالتها الخالدة وكتابها الكريم : قْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[العلق:1ـ5] الذي رفع شأن العلم وقدر العلماء : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[المجادلة:11] قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ[الزمر:9 ] إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ[فاطر:28]  وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً[طه:114]

   والمربي الأب والأمة والعاقل الكبير في الحارة وإمام المسجد ومؤذنه وعامل النظافة فيه والمؤدب والمعلم كلهم : قدوة وبوصلة تضبط المسار ، تُشرِّب المتعلم : المُثل والقيم ، والعلم والأخلاق . وتجنبه كثير من المزالق والأزمات والمنحدرات  . هؤلاء جميعًا تقع عليهم مهمة التربية وتحقيق أهدافها حتى يعايشها طالب العلم ويتشربها قلبه وتصبح جزءً من كيانه ، فيحسن بهم جميعًا تأمل ما روي عن أبي سليمان داود بن نصير الطائي غفر الله له [انظر مجلد قرآنًا يمشي بين الناس] 

  وطالب العلم : الحديث معه يطول فأذكره ابتداءً بقول الشاعر :

ومن يتهيب صعود الجبال   يعش أبد الدهر بين الحفر

 وأقدِّم هذه الفوائدة وإن شئتُ قلتُ الوصايا  لمن كان له قلب يتوق إلى النجاح ونفس تتشوف إلى الفوز بخير الدارين  ، قال الفاروق : لا تصغرن همتك ، فإني لم أر أقعدَ بالرجل من سقوط همته . وقال الشاعر :

إذا غامرت في شرف مرومِ   فلا تقنع بما دون النجوم

 وقال أبو الطيب المتنبي :

ولم أرَ في عيوب الناس عيبًا  كنقص القادرين على التمامِ

***

فاعلم بأنك لن تنال جسيمة   حتى تجشم نفسك الأهوال

في إحدى الدول العربية وجه سؤال إلى أوائل طلاب الثانوية : ما العوامل  ؟ وما أهم أسباب  تفوقك ؟ فكانت الإجابات تدور  حول العشارية التالية  :

1) حسن الصلة بالله تعالى فإنها تعزز جانب الخشية منه ، ودوام المراقبة له ، والسعي لمرضاته جل جلاله ، وتكون الصلة بالله تعالى يومياً من خلال : صلاة وأذكار وتبتل ودعاء وتلاوة قرءان .

2) احرص على أداء الصلوات في أوقاتها جماعة وفي المسجد ، فإنها تعزز : تقوى الله تعالى ، وحب رسول الله والاقتداء بسيد الناجحين ، وتحفز على الإتقان والتميز الذي يوصل إلى أفضل الدرجات والمستويات الممكنة . فالإتقان : دقة واهتمام ومتابعة أو مواصلة النجاحات .

3) رضا الوالدين عنهم ودعاؤهما لهما بالتوفيق : فإن مشاركة والديك لك ولو بالدعاء يخفف عنك وطأة الضغوط النفسية والحياتية والإجهاد ورد الفعل العارض والأعباء التي تثقل الكاهل نتيجة عدم إنجاز الأعمال في وقتها أو كما يجب ، وقد يكون التفاعل مع الأسرة  أو تضخيم الصغائر أحد أسبابها ، ويعزز جانب ثقتك بنفسك .

4) الحرص على تناول سبع تمرات مع كأس لبن  عند وجبة الإفطار يوميًا .

5) زيارة الأقارب وكبار السن أسبوعيًا أو شهريًا على الأقل وطلب الدعاء منهم ، فكن كالنحلة لا تقع إلا على الأماكن الطيبة ذات الروائح الزكية ، فتنتج العسل الشهي المذاق الذي فيه شفاء للناس .

6) ممارسة عادات صحية سليمة : النوم مبكرًا ، والاستيقاظ مبكرا ، ممارسة الرياضة والاسترخاء ،  مع تنظيم الوقت بين : المذاكرة ، والراحة ، وحضور دروس العلم والوعظ في المسجد ، وممارسة الأنشطة الترويحية ، والرياضة البدنية . كن عالمًا ناطقًا أو مستمعًا واعيًا منصتا . واختر صديقك من طلاب التفوق  والنجاح ، تعرف على الناجحين وخالطهم ،  قال الشاعر :

عن المرء لا تسل وسل عن قرينه   فكل قرين بالمقارن يقتدي

7) سرعة انجاز الواجبات والتكاليف أولًا بأول ، فلا يؤخر عمل اليوم إلى الغد، فلا تتردد بل قرر هكذا وإلا بلاش ، فإن أجمل ما في الحياة : تفاؤلٌ بالمستقبل ، وأجمل منه تفاؤل مبني على حقائق  . واعلم أن : كل أمرٍ  تريد أن تنجح فيه مارسه

8) التحضير المسبق لدرس اليوم (الدرس القادم) بالمرور عليه بقراءة عابرة ، ومراجعة الدرس الماضي . وإياك وقول لا أعرف ولكن جرب ، أو لا استطيع ولكن جرب . وهذا يتطلب صبر وجد قال الشافعي غفر الله له :

اصبر على مر الجفا من معلمٍ   فإن رسوب العلم في نفراته

ومن لم يذق مرَّ التعلم ساعة      تجرع ذل الجهل طول حياته

ومـن فاته التعلـيم وقت شبابه   فكــبر علــيه أربعًا لـوفاته

وذات الفتى والله : العلم والتقى  إذا لم يكــونا  لاعتبار لذاته

9) كن صاحب عزم وتطلع نحو المعالي وحزم وإرادة  فإن ما يسميه الناس إرادة  ليس إلا رغبة انتصرت على رغبة أخرى [كما ذكر د . مصطفى غالب في موسوعته : ( في سبيل موسوعة نفسية)]  قال الدقاق غفر الله له : الإرادة لوعةٌ في الفؤاد ، ولذة في القلب ، وغرام في الضمير ، وانزعاج في الباطن ، ونيران تأجج في القلوب .. (فليكن طالب العلم أحق بها) 

10) اغتنام الوقت المراجعة من أول العام ، حتى لا يأتي آخر العام وقد ازدحمت الدروس ، وضاق الوقت فيجهد نفسه وأعصابه . وتذكر ما قال أبو عثمان الحريري غفر الله له : من لم تصحَّ إرادته ابتداءً ، لا تزيده مرور الأيام إلا إدبارا .

وكل ذلك كان له أبلغ الأثر في توفير السكينة  والراحة النفسية .  وفي تراثنا الشعبي :

يا بني  راجع كتـابك   وانتبه للمســأله

كل طالب لا يذاكر  ينقلب  لك مسفله

نحن وأبناؤنا التلاميذ   .. الصبوح  والوقت  :

 فالوقت ذهب ، إن استثمرته ذهب ، وإن لم تستثمره ذهب :

    ـ حافظ على وقتك : كما تحافظ على نقودك ، بل أكثر ، واحرص على الاستفادة منه كله . وانتفع منه بالأهم ، ولا تنشغلن بالأدنى عن الأغلى .

    ـ ونزه نفسك عن الإكثار من المباحات فإن ذلك مضيعة لوقتك ، فوزان بين الواجبات والأعمال ، وبين متطلبات القلب والجسد واللسان والجوارح .

    ـ وتحرى الأوقات ذات الخصوصية الروحانية في الأيام والشهور ، فلا تهدرها . 

  وماذا تقول لمن : في يده ساعة ، وفي جواله ساعة ، وعلى جدار غرفته ساعة ، وفي صالة بيته ساعة ، وفي الباص الذي يقله للمدرسة ساعة ، ومع ذلك يتخلف عن حضور الطابور الصباحي ، يجيء إلى المدرسة في أحسن الأحوال مع دخول المدرس الحصة الأولى، ما عذره؟ 

  اضطرت إحدى المدارس لظروف خاصة عن الإعلان عن موعد أحد الاختبارات يوم السبت يوم الإجازة الأسبوعية  الرسمية : وبعد مضي نصف الوقت جاء أحد الطلاب يستأذن في دخول قاعة الامتحان فلما سئل ما الذي أخرك حتى هذه الساعة قال : ازدحام الطريق ؟! هذا جمع بين عدم احترام المواعيد وبين الكذب ، وإلا كيف يكون الزحام يوم العطلة ؟ إن للكذب علامات كما أن للمنافق سمات .

                   والصبوح (وجبة الإفطار)  : 

        ماذا يحد ث إذا حضر تلميذ إلى المدرسة دون وجبة الإفطار ؟

   ـ غالبًا فهذا التلميذ الذي يرفض تناول وجبة (الصبوح) تأخر في الاستيقاظ من النوم ! مما يتطلب حزم  في أوقات نومه وفي استيقاظه  مبكرًا لأداء صلاة الصبح في وقتها ، وعدم النوم بعدها .

  ـ  التلميذ الذي يسرح المدرسة بلا صبوح يتابع صيامًا بدأه بجسده الصغير فبل أن ينام ليلًا ، وهذا يعني أنه صام أكثر من 12 ساعة وعليه :

  ـ  سيحضر الحصتين الأولى والثانية وهو صائم مجهد ، والدروس تتطلب ذهنًا صافيًا نشطا ، وهذا لا يتحقق له والحال هذه .

  ـ  وأفضل وجبة صبوح ما توفر فيها :

          ـ بروتينات  : وهي موجودة في الفول والبيض ومنتجات الألبان .

           ـ وألياف : موجودة في التمر وحبوب البر ( ليس الدقيق) والخضروات الورقية .

    وكلها تزخر بها بيئتنا فلا تحتاج منا أن نرهق ميزانيتنا كثيرا . 

بقلم الاستاذ : محمد يسلم بشير باسلمه

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص