لمّا يعترف جبهوي قومجي بخطيئتهم التاريخية في حق حضرموت وتسليمها للجنوب، ماذا جرّ علينا اعترافهم من نفع أو مغنم؟ وبماذا عادت علينا صحوة الضمير المتأخرة تلك؟ إلا ضياع حقبة كاملة من تاريخ حضرموت وأهلها، كانت فاجعة بكل ما تحويه الكلمة من معنى، وتسببت في معاناة جيل كامل. وبالعودة للحاضر وما تشهده حضرموت حاليا من إعادة لسيناريو 67، نضع ذات السؤال، ماذا سنستفيد لاحقا اذا اعتذر الرفاق الجدد عن حماقة عودة حضرموت لزريبة الجنوب؟ ولو سطروا ذلك في مذكراتهم أو أعلنوا تأسفوهم وندمهم، ماذا سنستفيد حينها؟ بعد أن أضاعوا فرصا وأدخلونا في دوامة من الضياع ستستمر مصاحبة لنا عقودا وربما قرونا؟ أنا على يقين تماما أن الجبهة القومية الحضرمية المعاصرة، يعلمون جيدا ما حدث لاسلافهم الحضارم الذين شعروا لاحقا بمأزق إلحاق حضرموت بما يسمى بجمهورية اليمن الجنوبية، ورأوا حسراتهم وعلموا ندمهم وتأسفوهم لغلطة 67، لكن الجبهة القومية الحضرمية المعاصرة تظن في نفسها أنها أكثر حذاقة وبراعة من خالد عبدالعزيز والنعيري والكندي والعيدروس والعكبري وكل ذلك الجيل؛ وأنها هضمت تجربتهم جيدا واستفادت من أخطاءهم، بينما الواقع يحكي أن جيل الجبهة القومية الحضرمية الحالية؛ أقل تدبيرا وذكاء وأسهل في خداعه من الجيل السابق، لأنه وبعد أن وقفت على تجربة سابقة فاشلة ورأيت مرارتها المؤلمة والخسران المبين، ثم تعود مرة أخرى لتخوض نفس التجربة وبنفس الأدوات، فحمار جحا هنا يسجل سابقة في التاريخ وهي أنه تفوّق على بعض البشر عقلا وفطانة ورجاحة. الرفاق الجدد يمنّون أنفسهم كثيرا ويعلقونها بالوَهْم، وأن العصر الراهن يختلف تماما عن نكسة 67 ، رغم أنهم كأسلافهم لا يملكون أي ضمانات حقيقية، غير الوعود الشفهية، ونتحداهم أن ينشروا ما يدل على جدية وعود رفاق الجنوب(ضمانات حقيقية). من المؤسف أن تكون أكثر ويلاتنا ومصائبنا من أمثال هؤلاء الذي يتصدرون المشهد الحضرمي، وهم لايملكون أهلية التصدر والكفاءة، لقد آلمنا ضياع المؤتمر الحضرمي الجامع والذي ليس لحضرموت منه إلا الاسم فقط، وهاهو اليوم جثة هامدة، وأصبحنا ننوح على أطلاله، ونشتعل حسرة على حطامه، بعد أن عقدنا عليه آمالا كبيرة في تحقيق مصالح لحضرموت. ولا يبعد الحال كثيرا عن الهبة الحضرمية التي أشغلت الرأي العام حينها، وبلغ صداها المجتمعين الإقليمي والدولي، فكانت الغلطة الكبرى أن أسندت دفة قيادتها لأشخاص غير مؤهلين ولا يُعرفون بفكر ولم يخوضوا أي تجارب مماثلة، جاؤوا من الفراغ والعدم، ليعتلوا منصة القيادة والريادة، فكانت المحصلة أو الثمرة أن أوصلتهم الهبة للمناصب العليا والامتيازات الكبيرة ومواقع القرار، وهم أقل شأن من أن يقودوا قطيعا من الغنم، فأين هم الآن؟ ما بالهم قد هجعوا ورقدوا كما ترقد الدجاج على بيضها. هكذا حال حضرموت، في كل مرة تقع يدها على صندوق طماطم فاسد عفن، ويوهمونها أنه تفاحا، بل أحسن من التفاح، حتى تستمر معنا مرواغة أولئك الذين يظهرون بصور شتى واحدة منها فقط حضرمية وبقيتها بأجناس وأعراق مختلفة، لقد كانوا آلات للكذب.
إضافة تعليق