في عالم تتسارع فيه التحولات وتتشابك فيه المصالح، تظل القيادة والمبادئ حجر الزاوية لكل كيان سياسي يطمح للثبات والتأثير. فحيثما حضرت قيادة تعرف متى تصمت ومتى تنطق، وحيثما استقامت مبادئ لا تُفرّط ولا تُباع، هناك تُكتب فصول النهضة، ويُصاغ التاريخ لا بالحبر، بل بالفعل والموقف والقدوة.
القيادة عهدٌ أخلاقي وتكليفٌ تاريخي، تُناط به مسؤولية الأمة ويُختبر فيه معدن الرجال. إنها البصيرة التي تبصر ما وراء الحاضر، والإرادة التي تُمسك بزمام القرار في اللحظة الفاصلة، والكلمة التي لا ترتجف حين يسود الصمت وتتعاظم التحديات. القيادة الرشيدة لا تُدار بالحسابات الضيقة، بل تُستلهم من ميثاق الشعب، وتنهض على الوفاء بالوعود، وتحمل همّ البناء لا همّ التمكين.
والمبادئ كذلك هي الجذر الذي تتفرع منه شرعية الكيان، والسياج الذي يصون بنيانه من التفكك. المبادئ لا تُستحضر كشعارات عابرة، بل تُجسد كمنظومة قيم تُوجّه الفعل السياسي. إنها الضمانة التي تمنع من تحول المشروع الوطني إلى نزاع المصالح. وفي السياسة كما في الحياة، لا خير في مكاسب تُحصَد على حساب المبادئ، ولا معنى لقرارات تُعري الكيان من روحه.
وحين تتعانق القيادة الواعية مع المبادئ النبيلة، يُولد المشروع السياسي القادر على الصمود في وجه العواصف، والمتجدد مع تغير الزمن، والمحصّن ضد الانحراف والارتهان. فليست التحديات في ذاتها ما يهدد الكيانات، بل افتقاد من يملك رؤية المواجهة، وضعف الثقة بما يحكم بوصلتها الأخلاقية.