واحد وخمسون عاما مضت على الاستقلال الوطني من نير الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، تجرع فيها اليمنيون ١٢٩ عاما من التبعية والخضوع والهوان، لا تربطهم أي علاقات بمحيطهم العربي والإسلامي، إلا ما يقرره المحتل، وهذه من مساوئ الاحتلال، إذ لا يرى إلا ما يخدم مصالحه فقط، سواء كانت هذه المصالح سياسية او اقتصادية او ثقافية . يتساءل البعض اليوم، وبعد هذه الفترة الزمنية الطويلة التي مرت على الاستقلال، ما الذي تحقق؟ وماذا يعني لنا الاستقلال، على اعتبار أن لا شيء تغير على مجريات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقضايا الحقوق والحريات، فبعد أن كانت عدن محط أنظار العالم كيف أصبحت على مدى سنوات الاستقلال الماضية؟، وما الذي أثر على مكانتها ودورها مقارنة بما كانت عليه إبان الاحتلال البريطاني؟. هذه التساؤلات تعكس حجم الأسى والحزن الذي يشعر به الإنسان اليمني على ما آلت إليه أوضاعنا بعد الاستقلال، فقد كان يتطلع إلى وضع أفضل في الحرية والكرامة والحياة الهانئة والعدل والمساواة وتقدم في التعليم والمعرفة بشتى مجالاتها، وتنمية في الاقتصاد وارادة في السياسة وصولا إلى الحكم الرشيد، إلا أن ذلك تبخر ولم يكد يسمع عنه إلا في الخطب الرنانة التي تلقى على مسامعه في المناسبات الوطنية. إن الحديث عن الاستقلال في هذا الفضاء المفتوح وفي ظل ثورة المعلومات الهائلة، يجب أن يكون بصورة أخرى تتوافق مع العقلية العصرية، لذا يتطلب من الساسة والنخب أن لا تظل حبيسة في تناولاتها ضد المستعمر ومساوئه فقط، دون تقييمها لما يمكن أن يكون عليه الحال في هذا البلد بعد هذا الزمن الطويل من عمر الاستقلال، وما هو الفرق بيننا وبين دول أخرى حصلت على استقلالها في نفس التوقيت، تعيش اليوم أوضاعا اقتصادية وسياسية أفضل بكثير ولا نكاد نجد وجهًا للمقارنة معها، مستعرضين ذلك بالنقد الموضوعي لتصحيح المسار بعيدا عن المؤامرة ونظريتها للاستفادة من الأخطاء لبناء الدولة اليمنية الحديثة بعد دحر الانقلاب.
إضافة تعليق